قوله تعالى : { جَهَنَّمَ } : فيه ثلاثة أوجهٍ ، أحدُها : أنه بدلٌ من " دارَ " . الثاني : أنه عطفُ بيانٍ لها . وعلى هذين الوجهين فالإِحلالُ يقع في الآخرة . الثالث : أَنْ يَنْتَصِبَ على الاشتغال بفعلٍ مقدَّر ، وعلى هذا فالإِحلالُ يقع في الدنيا ، لأنَّ قولَه { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا } واقعٌ في الآخرة .
ويؤيِّد هذا التأويلَ قراءةُ ابن أبي عبلة " جهنمُ " بالرفع ، على أنها مبتدأٌ ، والجملةُ بعدها الخبرُ . وتحتمل قراءةُ ابن أبي عبلة وجهاً أخرَ : وهو أن يرتفعَ على خبرِ ابتداءٍ مضمر ، و " يَصْلَوْنها " حالٌ : إمَّا مِنْ " قومَهم " ، وإمَّا مِنْ " دارَ " ، وإمَّا مِنْ " جهنمَ " . وهذا التوجيهُ أَوْلى من حيث إنه لم يتقدَّمْ ما يرجِّح النصبَ ، ولا ما يَجْعلُه مساوياً ، والقرَّاءُ الجماهيرُ على النصبِ ، فلم يكونوا ليتركُوا الأفصحَ ، إلاَّ لأن المسألة لَيستْ من الاشتغالِ في شيءٍ . وهذا الذي ذكرتُه أيضاً مُرَجِّح لنصبهِ على البدليَّة أو البيانِ على انتصابِه على الاشتغال .
والبَوارُ : الهَلاكُ ، قال الشاعر :
فلم أرَ مثلَهُم أبطالَ حربٍ *** غداةَ الرَّوْعِ إذ خِيْفَ البوارُ
وأصلُه من الكَسادِ ، كما قيل : كَسَد حتى فَسَد ، ولَمَّا كان الكسادُ يؤدي إلى الفسادِ والهلاكِ أُطْلِقَ عليه البَوار . ويقال : بار يَبُورُ بَواراً وبُوراً ، ورجل حائرٌ بائرٌ ، وقوله تعالى : { وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً } [ الفتح : 12 ] يحتمل أن يكونَ مصدراً وُصِفَ به الجمعُ ، وأن يكونَ جمع بائر في المعنى . ومِنْ وقوعِ " بُور " على الواحد قوله :
يا رسولَ المَليكِ إنَّ لساني *** راتِقٌ ما فَتَقْتُ إذ أنا بُوْرُ
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.