قوله تعالى : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ } : كقوله : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ : لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ } [ البقرة : 83 ] .
قوله : { مِّن دِيَارِكُمْ } متعلِّقٌ بتُخْرِجُون ومِنْ لابتداءِ الغايةِ . ودِيار جمع دَار والأصل : دَوَر ، لأنها من دَار يدُور دَوَراناً ، وأصلُ دِيار : دِوار ، وإنما قُلِبت الواوُ ياءً لانكسارِ ما قبلَها ، واعتلالِها في الواحدِ . وهذه قاعدةٌ مطَّردة في كلِّ جَمْعٍ على فِعال صحيحِ اللام قد اعتلَّتْ عينُ مفردِه أو سَكَنَتْ حرفَ علةٍ نحوُ : دار ودِيار وثِياب ، ولذلك صَحًّ " رِواء " لاعتلال لامه ، و " طِوال " لتحرُّكِ عينِ مفردِه وهو طويلٍ ، فأمَّا " طِيال " في طِوال فشاذٌّ . وحكمُ المصدرِ حكمُ هذا نحو : قامَ قِياماً وصامَ صِياماً ، ولذلك صَحَّ " لِواذ " لِصحَّةِ فِعْلِه في قولِهم : لاوَذ ، وأمَّا " دَيَّار " فهو من لفظة الدَّار ، وأصلُه دَيْوار ، فاجتمع الياءُ والواوُ فأُعِلاَّ على القاعدةِ المعروفةِ فوزنُه : فَيْعال لا فَعَّال ، إذ لو كان فَعَّالاً لقيل : دَوَّار كصَوَّام وقَوَّام . والدارُ مجتمعُ القومِ من الأبنية . وقال الخليل : " كلُّ موضعٍ حَلَّه الناس ، وإن لم يكن أبنيةً " .
وقرئ : " تَسْفُكُون " بضم الفاء ، و " تُسَفِّكون " من سَفَّك مضعفاً ، " وتُسْفِكون " من أَسْفك الرباعي .
وقوله : { دِمَآءَكُمْ } يَحْتملُ الحقيقةَ وقد وُجِدَ مَنْ قَتَلَ نَفْسَه ، ويَحْتمل المجازَ وذلك من أوجه ، أحدها : إقامةُ السببِ مُقامَ المُسَبَّب ، أي : إذا سَفَكْتُمْ دمَ غيرِكم فقد سُفِكَ دَمُكم ، وهو قريبٌن قولهم : " القتلُ أنفى للقتل " . قال :
سَقَيْناهُمُ كأساً سَقَوْنا بمثلِها *** ولكنهم كانُوا على الموتِ أَصْبَرَا
وقيل : " المعنى : لا يَسْفِك بعضُكم دمَ بعض " واختاره الزمخشري . وقيل : " لا تسفِكوها بارتكابكم ما يُوجِبُ سَفْكَها كالارتداد ونحوه " .
قوله : { ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ } قال أبو البقاء : " فيه وجهان ، أحدُهما أنَّ " ثُمَّ " على بابِها في إفادَةِ العَطْفِ والتراخي . والمعطوفُ عليه محذوفٌ تقديرُه : فَقَبِلْتُم ثم أَقْررتم . والثاني : أن تكونَ " ثُمَّ " جاءَتْ لترتيبِ الخبرِ لا لترتيبِ المُخْبَر عنه ، كقوله تعالى : { ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ } [ يونس : 46 ] .
قوله : { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } كقوله : { وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ } [ البقرة : 83 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.