الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قُلۡ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡيِۚ وَلَا يَسۡمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ} (45)

قوله : { وَلاَ يَسْمَعُ } : قرأ ابنُ عامر هنا " ولا تُسْمِعُ " بضمِّ التاءِ للخطابِ وكسر الميم ، " الصُّمَّ الدعاءَ " منصوبين . وقرأ ابنُ كثير كذلك في النمل والروم . وقرأ باقي السبعةِ بفتح ياء الغَيْبة والميمِ ، " الصُّمُّ " بالرفع ، " الدعاءَ " بالنصب في جميع القرآن .

وقرأ الحسن كقراءة ابن عامر إلاَّ أنه بياءِ الغَيْبة وروى عنه ابنُ خالويه " ولا يُسْمَعُ " بياءٍ الغيبة مبنياً للمفعول ، " الصُّمُّ " رفعاً ، " الدعاءَ " نصباً . ورُوي عن أبي عمرو بن العلاء " ولا يُسْمِعُ " بضمِّ الياءِ مِنْ تحتُ وكسرِ الميمِ " الصُّمَّ " ، نصباً " الدعاءُ " رفعاً .

فأمَّا قراءةُ ابنِ عامر وانب كثير فالفاعل فيها ضميرُ المُخاطبِ وهو الرسولُ عليه السلام ، فانتصب " الصُّمَّ " و " الدعاءَ " على المفعولين ، وأَوَّلُهما هو الفاعلُ المعنوي . وأمَّا قراءةُ الجماعةِ فالفعلُ مسندٌ ل " الصُّمَّ " فانتصب الدعاء مفعولاً به/ وأمَّا قراءةُ الحسنِ الأولى فَأُسْند الفعلُ فيها إلى ضميرِ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم . وهي كقراءةِ ابنِ عامر في المعنى . وأمَّا قراءتُه الثانيةُ فإنه أُسْنِدَ الفعلُ فيها إلى " الصُّمُّ " قائماً مقامَ الفاعلِ ، فانتصب الثاني وهو " الدعاء " .

وأمَّا قراءةُ أبي عمرو فإنه أُسْند الفعلُ فيها إلى الدعاء على سبيل الاتساع ، وحُذِف المفعولُ الثاني للعلمِ به . والتقديرُ : ولا يُسْمِعُ الدعاءُ الصمَّ شيئاً البتة . ولمَّا وصل أبو البقاء هنا قال : " ولا يَسْمَعُ " فيه قراءاتٌ وجوهها ظاهرة " ولم يَذْكُرْها .

و[ قوله ] : " إذا " في ناصِبه وجهان ، أحدُهما : أنَّه " يَسْمَعُ " . الثاني : أنه " الدعاءُ " فأَعمل المصدرَ المعرَّفَ ب أل ، وإذا أعملوه في المفعولِ الصريحِ ففي الظرفِ أَحْرى .