قوله : { وَمَا بَلَغُواْ } الظاهرُ أن الضميرُ في " بَلَغُوا " وفي " آتيناهم " للذين مِنْ قبلهم ليناسِقَ قوله : " فكذَّبُوا رُسُلي " بمعنى : أنهم لم يَبْلُغوا في شُكْر النِّعْمَة وجزاءِ المِنَّةِ مِعْشارَ ما آتيناهم من النعمِ والإِحسانِ إليهم . وقيل : بل ضميرُ الرفع لقريشٍ والنصبِ للذين مِنْ قبلهم ، وهو قولُ ابنِ عباس على معنى أنهم كانوا أكثرَ أموالاً . وقيل : بالعكس على معنى : إنَّا أَعْطَيْنا قريشاً من الآياتِ والبراهينِ ما لم نُعْطِ مَنْ قبلَهم .
واخْتُلِفَ في المِعْشار فقيل : هو بمعنى العُشْرِ ، بنى مِفْعال مِنْ لفظِ العُشْر كالمِرْبَاع ، ولا ثالثَ لهما من ألفاظِ العدد لا يقال : مِسْداسَ ولا مِخْماس . وقيل : هو عُشْرُ العُشْرِ . إلاَّ أنَّ ابنَ عطيَّة أنكره وقال : " ليس بشيء " . وقال الماوردي : " المِعْشارُ هنا : هو عُشْرُ العُشَيْرِ ، والعُشَيْرُ هو عُشْرُ العُشْر ، فيكون جزءاً من ألفٍ " . قال : " وهو الأظهرُ ؛ لأنَّ المرادَ به المبالغةَ في التقليل " .
قوله : " فَكَذَّبوا " فيه وجهان ، أحدُهما : أنه معطوف على { كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ } . والثاني : أنه معطوف على " وما بَلَغُوا " وأوضحَهما الزمخشريُّ فقال : " فإنْ قُلْتَ : ما معنى " فكذَّبُوا رُسُلي " وهو مستغنى عنه بقوله : { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ } ؟ قلت : لمَّا كان معنى قولِه : { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ } : وفَعَلَ الذين مِنْ قبلِهم التكذيبَ ، وأَقْدَمُوا عليه جُعِلَ تكذيبُ الرسلِ مُسَبَّباً عنه . ونظيرُه أَنْ يقولَ القائلُ : أقدمَ فلانٌ على الكفر فَكَفَرَ بمحمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم . ويجوزُ أَنْ يُعْطَفَ على قَولِه : " وما بَلَغوا " كقولك : ما بلغ زيدٌ مِعْشارَ فضل عمروٍ فتَفَضَّلَ عليه " .
و " نَكير " مصدرٌ مضافٌ لفاعِله أي : إنكاري . وتقدَّمَ حَذْفُ يائِه وإثباتُها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.