الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ حَقّٗاۚ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٗا مُّهِينٗا} (151)

قوله تعالى : { حَقّاً } : فيه أوجهٌ ، أحدُهما : أنه مصدرٌ مؤكدٌ لمضمون الجملة قبله فيجب إضمارُ عامِله وتأخيره عن الجملة المؤكِّد لها ، والتقدير : أَحُقُّ ذلك حقاً ، وهكذا كلُّ مصدر مؤكد لغيره أو لنفسه والثاني : أنه حالٌ من قوله : { هُمُ الْكَافِرُونَ } قال أبو البقاء : أي : " كافرون غير شك " وهذا يشبه أن يكونَ تفسيراً للمصدر المؤكد . وقد طَعَن الواحدي على هذا التوجيه فقال : " الكفرُ لا يكون حقا " بوجه من الوجوه " . والجوابُ : أنَّ الحق هنا ليس يُراد به ما يقابل الباطل ، بل المرادُ به أنه ثابتٌ لا محالةَ وأنَّ كفرهم مقطوع به . الثالث : أنه نعت لمصدر محذوف أي : الكافرون كفراً حقاً ، وهو أيضاً مصدر مؤكد ، ولكن الفرق بينه وبين الوجه الأول أنَّ هذا عاملُه مذكورٌ ، وهو اسمُ الفاعل وذاك عاملُه محذوفٌ كما تقدم .