البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ حَقّٗاۚ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٗا مُّهِينٗا} (151)

{ أولئك هم الكافرون حقاً } أكد بقوله : هم ، لئلا يتوهم أنّ ذلك الإيمان ينفعهم .

وأكد بقوله : حقاً ، وهو تأكيد لمضمون الجملة الخبرية ، كما تقول : هذا عبد الله حقاً أي حق ذلك حقاً .

أو هو نعت لمصدر محذوف أي : كفراً حقاً أي : ثابتاً يقيناً لا شك فيه .

أو منصوب على الحال على مذهب سيبويه .

وقد تقدم لذلك نظائر ، وقد طعن الواحدي في هذا التوجيه وقال : الكفر لا يكون حقاً بوجه من الوجوه ، ولا يلزم ما قال إنه لا يراد بحقاً الحق الذي هو مقابل للباطل ، وإنما المعنى أنه كفر ثابت متيقن ، وإنما كان التوكيد في ذلك ، لأنّ داعي الإيمان مشترك بين الأنبياء وهو ظهور المعجزات على أيديهم ، فكونهم فرّقوا في الإيمان بينهم دليل على كفرهم بالجميع ، إذ ليس إيمانهم ببعض ناشئاً عن النظر في الدليل ، وإنما هم على سبيل التشهي والتلاعب .

{ وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً } هذا وعيد لهم بالإهانة في العذاب .

/خ159