الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ٱلنَّارُ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا غُدُوّٗا وَعَشِيّٗاۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ أَشَدَّ ٱلۡعَذَابِ} (46)

قوله : { النَّارُ } : الجمهورُ على رفعِها . وفيه ثلاثة أوجه ، أحدُها : أنه بدلٌ مِنْ " سوءُ العذاب " . الثاني : أنها خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي : هو أي سوءُ العذابِ النارُ ؛ لأنه جوابٌ لسؤالٍ مقدرٍ و " يُعْرَضُون " على هذين الوجهين : يجوز أَنْ يكون حالاً من " النار " ويجوز أن يكونَ حالاً من " آل فرعون " . الثالث : أنه مبتدأٌ ، وخبرُه " يُعْرَضون " . وقُرئ " النارَ " منصوباً . وفيه وجهان ، أحدهما : أنه منصوبٌ بفعلٍ مضمرٍ يُفَسِّره " يُعْرَضون " من حيث المعنى أي : يَصْلَوْن النارَ يُعْرَضون عليها ، كقوله :

{ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ } [ الإنسان : 31 ] . والثاني : أَنْ ينتصبَ على الاختصاص . قاله الزمخشري ، فعلى الأولِ لا مَحَلَّ ل " يُعْرَضُون " لكونِه مفسِّراً ، وعلى الثاني هو حالٌ كما تقدَّمَ .

قوله : " ويومَ تقومُ " فيه ثلاثةُ أوجهٍ ، أظهرها : أنه معمولٌ لقولٍ مضمرٍ ، وذلك القولُ المضمرُ محكيٌّ به الجملةُ الأمريَّةُ من قوله " أدخِلوا " والتقدير : ويُقال له/ يومَ تقومُ الساعةُ : أدْخِلوا . الثاني : أنه منصوبٌ بأَدخِلوا أي : أدْخِلوا يومَ تقومُ . وعلى هذين الوجهين فالوقفُ تامٌّ على قوله " وعَشِيَّاً " . والثالث : أنه معطوفٌ على الظرفَيْن قبلَه ، فيكونُ معمولاً ل " يُعْرَضُون " . فالوقفُ على هذا على قولِه " الساعة " و " أَدْخِلوا " معمولٌ لقولٍ مضمرٍ أي : يُقال لهم كذا وكذا . وقرأ الكسائي وحمزة ونافع وحفص " أدْخِلُوا " بقطع الهمزةِ أمراً مِنْ أَدْخَلَ ، فآلَ فرعون مفعولٌ أولُ ، و " أشدَّ العذاب " مفعولٌ ثانٍ . والباقون " ادْخُلوا " بهمزةِ وصلٍ مِنْ دَخَلَ يَدْخُلُ . فآلَ فرعونَ منادى حُذِف حرفُ النداءِ منه ، و " أشدَّ " منصوبٌ به : إمَّا ظرفاً ، وإمّا مفعولاً به ، أي : ادخلوا يا آل فرعونَ في أشدِّ العذاب .