قوله : { وَفِي مُوسَى } : فيه أوجهٌ ، أحدُها : وهو الظاهر أنه عطفٌ على قولِه : " فيها " بإعادةِ الجارِّ ؛ لأن المعطوفَ عليه ضميرٌ مجرورٌ فيتعلَّقُ ب " تَرَكْنا " من حيث المعنى ، ويكونُ التقديرُ : وتَرَكْنا في قصةِ موسى آيةً . هذا معنىً واضحٌ . والثاني : أنه معطوفٌ على قولِه : { وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ } [ الذاريات : 20 ] أي : وفي الأرضِ وفي موسى آياتٌ للموقِنين ، قاله الزمخشري وابنُ عطية . قال الشيخُ : " وهذا بعيدٌ جداً يُنَزَّه القرآنُ عن مثلِه " . قلت : ووجهُ استبعادِه له : بُعْدُ ما بينهما ، وقد فعل أهلُ العلمِ هذا في أكثرَ من ذلك . الثالث : أنه متعلقٌ ب " جَعَلْنا " مقدرةً لدلالةِ " وتَرَكْنا " . قال الزمخشري : " أو على قولِه يعني أو يُعْطَفُ على قولِ وترَكْنا فيها آيةً على معنى : وجَعَلْنا في موسى آيةً كقوله :
فَعَلَفْتُها تِبْناً وماءً بارداً *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال الشيخ : " ولا حاجةَ إلى إضمار " وجَعَلْنا " لأنه قد أمكن أَنْ يكونَ العامل في المجرور " وتَرَكْنا " . قلت : والزمخشريُّ إنما أراد الوجهَ الأولَ بدليلِ قوله : " وفي موسى معطوفٌ على " وفي الأرض " أو على قوله : " وتركْنا فيها " . وإنما قال : " على معنى " من جهةِ تفسيرِ المعنى لا الإِعراب ، وإنما أظهر الفعلَ تنبيهاً على مغايرة الفعلَيْن . يعني : أن هذا التركَ غيرُ ذاك التركِ ، ولذلك أبرزَه بمادةِ الجَعْلِ دون مادة التركِ لتظهرَ المخالفةُ .
قوله : { إِذْ أَرْسَلْنَاهُ } يجوز في هذا الظرفِ ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أَنْ يكونَ منصوباً بآية على الوجهِ الأول أي : تركنا في قصة موسى علامةً في وقتِ إرْسالِنا إياه . والثاني : أنَّه متعلقٌ بمحذوفٍ لأنَّه نعتٌ لآية أي : آيةً كائنةً في وقتِ إرْسالِنا . الثالث : أنه منصوبٌ ب " تَرَكْنا " .
قوله : { بِسُلْطَانٍ } يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بنفس الإِرسال ، وأن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ : إمَّا مِنْ موسى ، وإمَّا مِنْ ضميرِه أي : ملتبساً بسلطان ، وهي الحُجَّةُ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.