قوله تعالى : { وَفِي موسى } فِيهِ أوجه :
أظهرها : أنه عطف على قوله : «فِيهَا » بإعادة الجار ؛ لأنَّ المعطُوفَ عَلَيْهِ ضميرٌ مجرورٌ فيتعلق ب «تَرَكْنَا » من حيث المعنى{[52899]} ويكون التقدير : وتَرَكْنَا في قصةِ موسى آية . وهذا واضح .
والثاني : أنه معطوف على قوله : { فِي الأرض آيَاتٌ } أي وفي الأرض وفي موسى آياتٌ للموقنين . قاله الزمخشري{[52900]} وابنُ عطية{[52901]} .
قال أبو حيان : وهذا بعيد جدًّا يُنَزَّه القرآن عن{[52902]} مثله .
قال شهاب الدين : وجه استبعاده له بعد ما بينهما ، وقد فعل أهل العلم هذا في أكثر من ذلكَ{[52903]} .
والثالث : أنه متعلق ب «جَعَلْنَا » مقدرة ، لدلالة : «وَتَرَكْنَا » عليه .
قال الزمخشري : أو على قوله - يعني أو يعطف على قوله - : { وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً } على معنى وجعلنا في موسى آية{[52904]} كقوله :
عَلَفْتُهَا تِبْناً ومَاءً بَارِداً *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . {[52905]}
قال أبو حيان : ولا حاجة إلى إضمار : «وَجَعَلْنَا » لأنه قد أمكن أن يكون العامل في المجرور «وتركنا » .
قال شهاب الدين : والزمخشري إنما أراد الوجه الأول بدليل قوله : «وَفِي مُوسَى » معطوف على «وَفِي الأَرْضِ » ، أو على قوله : «وَتَرَكْنَا فِيهَا » وإنما قال : على جهة تفسير المعنى لا الإعراب . وإنما أظهر الفعل تنبيهاً على مغايرة الفعلين يعني أن هذا الترك غير ذاك الترك ، ولذلك أبرزه بمادة الجَعْل دون مادة الترك ليظهر{[52906]} المخالفة .
الرابع{[52907]} : أن يعطف على { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ } تقديره : وفي حديث موسى إذْ أَرْسَلْنَاهُ . وَهُوَ مناسب ، لأن الله تعالى جمع كثيراً بين ذكر إبراهيم وموسى - عليهما الصلاة والسلام - ( كقوله تعالى ){[52908]} : { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ موسى وَإِبْرَاهِيمَ الذي وفّى } [ النجم : 36 - 37 ] ، وقال : { صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وموسى } [ الأعلى : 19 ] قاله ابن الخطيب{[52909]} .
المعنى : لك{[52910]} في إبراهيم تسلية وفي موسى ، أو لقومك في لوط وقومه عبرة ، وفي موسى وفرعون ، أو تَفَكَّرُوا في إبراهيم ولوط وقومهما وفي موسى وفرعون . هذا إن عطفناه على ( معْلُوم{[52911]} ، وإن عطفناه ) على مذكور فقد تقدم آنفاً . و«السلطان المبين » الحجة الظاهرة{[52912]} .
قوله : «إذْ أَرْسَلْنَاهُ » يجوز في هذا الظرف ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون منصوباً ب «آيَة » على الوجه الأول ؛ أي تركنا في قِصة موسى علامةً في وقتِ إرسالنا إيَّاهُ .
الثاني : أنه يتعلق بمحذوف لأنه نعت لآيةٍ ، أي آية كائنة في وقت إرسالنا .
الثالث : أنه منصوب ب «تَرَكْنَا » .
قوله : «بِسُلْطَانٍ » يجوز أن يتعلق بنفس الإرسال ، وأن يتعلق بمحذوف على أنه حال إما من موسى وإما من ضميره أي ملتبساً بسُلطان وهو الحُجَّة{[52913]} . و«المبين » الفارق بين سِحْر السَّاحِرِين وأمْر المُرْسَلِينَ .
ويحتمل أن يكون المراد بالمبين أي البراهين القاطعة التي حَاجَّ بِهَا فِرْعَوْنَ{[52914]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.