الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِ فِرۡعَوۡنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَٰحِرٌ عَلِيمٞ} (109)

{ قَالَ الْمَلأُ } : فأسند القولَ إليهم . وفي الشعراء : " قال للملأ " فأسند القولَ إلى فرعون . وأجاب الزمخشري عن ذلك بثلاثة أوجه ، أحدُها : أن يكونَ هذا الكلامُ صادراً منه ومنهم ، فحكى هنا عنهم وفي الشعراء عنه . والثاني : أنه قاله ابتداءً وتلقَّنه عنه خاصَّته فقالوه لأعقابهم . والثالث : أنهم قالوه عنه للناس على طريق التبليغ كما يفعل الملوكُ ، يَرَى الواحدُ منهم الرأيَ فيبلِّغه الخاصة ثم يبلغوه لعامتهم . وهذا الثالث قريبٌ من الثاني في المعنى .

وقرأ الأخوان هنا وفي يونس : " بكل سَحَّارٍ " والباقون : " بكل ساحر " . ولا خلافَ أن الذي في الشعراء " بكل سَحَّارٍ " . وساحر وسَحَّار مثل عالم وعَلاَّم ، وقد عُرِف أن فعَّالاً مثال مبالغة . ويُرَجِّح " سَحَّار " أنه مجاوزٌ لعليم ، وكلاهما مثال مبالغة . ويرجح " ساحر " أنه تقدَّم مثلُه في قوله " إنَّ هذا لساحر " وهذا مناسب له .

وفي الشعراء : " بسحره " وهنا بدون " ذلك " . قالوا : لأنَّ أولَ هذه الآيةِ مبنيٌّ على الاختصار .