الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱللَّهِ وَٱصۡبِرُوٓاْۖ إِنَّ ٱلۡأَرۡضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ} (128)

قوله تعالى : { يُورِثُهَا } : في محلِّ نصبٍ على الحال . وفي صاحبها وجهان ، أحدهما : الجلالة أي : هي له حالَ كونه مُورِثاً لها من يشاؤه . والثاني : أنه الضميرُ المستتر في الجار أي : إنَّ الأرضَ مستقرة لله حالَ كونها مُوَرَّثَةً من الله لمن يشاء . ويجوز أن يكونَ " يورثها " خبراً ثانياً ، وأن يكونَ خبراً وحدَه ، و " لله " هو الحال ، ومَنْ يشاء مفعولٌ ثانٍ ، ويجوزُ أن يكونَ جملةً مستأنفة .

وقرأ الحسن ورُويت عن حفص " يُوَرِّثُها " بالتشديد على المبالغة . وقرئ " يُوْرَثُها " بفتح الراء مبنياً للمفعول ، والقائمُ مقامَ الفاعل هو " مَنْ يشاء " . والألفُ واللام في " الأرض " يجوز أن تكونَ للعهدِ وهي أرضُ مِصْر أو للجنس .

وقرأ ابن مسعود بنصب " العاقبة " نسقاً على " الأرض " و " للمتقين " خبرُها ، فيكون قد عطف الاسم على الاسم والخبر على الخبر فهو مِنْ عطفِ الجمل . قال الزمخشري : " فإن قلت : لِمَ أُخْلِيَتْ هذه الجملةُ من الواو وأُدْخِلَتْ على التي قبلها ؟ قلت : هي جملةٌ مبتدَأةٌ مستأنفةٌ ، وأمَّا

{ وَقَالَ الْمَلأُ } [ الأعراف : 127 ] فهي معطوفةٌ على ما سبقها مِنْ قوله : { وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ } .