قوله تعالى : { وَيَذَرُكَ } : قرأ العامَّةُ : " ويَذَرَك " بياء الغيبة ونصبِ الراء . وفي النصبِ وجهان : أظهرهما : أنه على العطف على " ليُفْسدوا " . والثاني : أنه منصوبٌ على جواب الاستفهام ، كما يُنصب في جوابه بعد الفاء كقول الحطيئة :
ألم أكُ جارَكُم ويكونَ بيني *** وبينكمُ المودةُ والإِخاءُ
والمعنى : كيف يكون الجمعُ بين تَرْكِكَ موسى وقومه مفسدين وبين تركِهم إيَّاك وعبادةِ آلهتك ، أي لا يمكنُ وقوعُ ذلك .
وقرأ الحسن في روايةٍ عنه ونعيم بن ميسرة " ويذرُك " برفع الراء . وفيها ثلاثةُ أوجه ، أظهرُها : أنه نسقٌ على " أتذر " أي : أتطلق له ذلك . الثاني : أنه استئنافُ إخبار بذلك . الثالث : أنه حالٌ . ولا بدَّ من/ إضمارِ مبتدأ ، أي : وهو يَذَرُك .
وقرأ الحسن أيضاً والأشهب العقيلي : " ويذرْك " بالجزم وفيها وجهان ، أحدهما : أنه جزم ذلك عطفاً على التوهم ، كأنه توهَّم جَزْمَ " يُفْسدوا " في جواب الاستفهام فعطف عليه بالجزم كقوله : { فأصَّدَّق وأكنْ } [ المنافقين : 10 ] بجزم " وأكن " . الثاني : أنها تخفيفٌ كقراءةِ أبي عمرو " يَنْصُرْكم " وبابه .
وقرأ أنس بن مالك : " ونذرُك " بنون الجماعة ورفع الراء ، تَوَعَّدوه بذلك ، أو أنَّ الأمرَ يُؤول إلى ذلك فيكون خبراً محضاً . وقرأ عبد الله والأعمش بما يخالف السواد فلا حاجةَ إلى ذِكْره .
وقرأ العامَّة : " وآلهتكَ " بالجمع . وفي التفسير : أنه كان يعبدُ آلهةً متعددة كالبقر والحجارة والكواكب ، أو آلهته التي شَرَع عبادتَها لهم وجَعَل نفسَه الإِلَه الأعلى في قوله { أَنَاْ رَبُّكُمُ الأَعْلَى } . وقرأ علي بن أبي طالب وابن مسعود وأنس وجماعة كثيرة : " وإلاهتك " . وفيها وجهان ، أحدهما : أن " إلاهة " اسم للمعبود ، ويكون المرادُ بها معبودَ فرعونِ وهي الشمس ، وفي التفسير أنه كان يعبد الشمس ، والشمس تسمَّى " إلاهةً " علَماً عليها ، ولذلك مُنِعت الصرف للعلمية والتأنيث . والثاني : أن " إلاهة " مصدر بمعنى العبادة ، أي : ويذر عبادَتك لأنَّ قومه كانوا يعبدونه . ونقل ابن الأنباري عن ابن عباس أنه كان يُنْكر قراءة العامة ، ويقرأ " وإلاهتك " وكان يقول : إن فرعون كان يُعْبَدُ ولا يَعْبُدُ .
قوله : { سَنُقَتِّلُ } قرأ نافع وابن كثير : " سَنَقْتل " بالتخفيف ، والباقون بالتضعيف للتكثير ، لتعدُّد المجال . وسيأتي أن الجماعة قَرَؤوا " يُقَتِّلُون أبناءكم " بالتضعيف إلا نافعاً ، فيخفف . فتلخص من ذلك أنَّ نافعاً يقرأ الفعلين بالتخفيف . وابن كثير يخفف " سنقتل " ويثقِّل " يقتلون " ، والباقون يثقلونها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.