الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ} (7)

قوله : { فَإِذَا فَرَغْتَ } : العامَّةُ على فتحِ الراءِ مِنْ " فَرَغْتَ " وهي الشهيرةُ ، وقرأها أبو السَّمَّال مكسورةً ، وهي لُغَيَّةُ قال الزمخشري : " ليسَتْ بالفصيحة " وقال الزمخشري : " فإنْ قلتَ فيكف تعلَّق قولُه " فإذا فَرَغْتَ فانصَبْ " بما قبلَه ؟ قلتُ : لَمَّا عَدَّد نِعَمَه السَالفةَ ووعْدَه الآنفةَ بعثَة على الشكرِ والاجتهادِ في العبادة . عن ابن عباسٍ : فإذا فَرَغْتَ مِنْ صلاتِك فانصَبْ في الدعاء " .

والعامَّةُ على فتحِ الصادِ وسكونِ الباء أمراً من النَّصَب وقُرئ بتشديدِ الباءِ متفوحةً أَمْراً من الأنْصباب ، وكذا قُرِئ بكسر الصاد ساكنةَ الباء أمراً من النَّصْب بسكون الصاد ، ولا أظن الأولى إلاَّ تصحيفاً ولا الثانيةَ إلاَّ تحريفاً فإنها تُرْوى عن الإِمامية . وتفسيرُها : فإذا فَرَغْتَ مِنْ النبوَّةِ فانْصِبِ الخليفة . قال ابن عطية : " وهي قراءةُ ضعيفةٌ شاذةٌ لم تَثْبُتْ عن عالمٍ " . قال الزمخشري : " ومن البدعِ ما رُوي عن بعضِ الرافضةِ أنه قرأ " فانصِبْ " أي : انْصِبْ عليّاً للإِمامة ، ولو صَحَّ هذا للرافِضِيِّ لصَحَّ للناصِبيِّ أن يَقْرأ هكذا ، ويجعَلَه أمراً بالنَّصبْ الذي هو بُغْضُ عليّ رضي الله عنه وعداوتُه " .