الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ} (1)

قوله : { اقْرَأْ } : العامَّةُ على سكونِ الهمزةِ أمراً مِنْ القراءةِ . وقرأ عاصم في روايةِ الأعشى براءٍ مفتوحةٍ ، وكأنه قَلَبَ الهمزةَ ألفاً كقولِهم : قرا يَقْرا نحو : سعَى يَسْعى ، فلمَّا أَمَرَ منه حَذَفَ الألفَ على حَدِّ حَذْفِها مِنْ اسْعَ ، وهذا كقولِ زهير :

4603 . . . . . . . . . . . . . . . . . *** وإلاَّ يُبْدَ بالظُّلْمِ يُظْلَمِ

وقد تقدَّمَ تحريرُه .

قوله : { بِاسْمِ رَبِّكَ } : يجوزُ فيه أوجهٌ ، أحدُها : أَنْ تكونَ الباءُ للحال ، أي : اقرأ مُفْتِتحاً باسمِ ربِّك ، قل باسم الله ، ثم اقرَأْ ، قاله الزمخشري . الثاني : إنَّ الباءَ مزيدةٌ ، والتقدير : اقرأ اسمَ ربِّك ، كقولِه :

4604 . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** سُوْدُ المَحاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ

وقيل : الاسمُ صلةٌ ، أي : اذكُرْ ربَّك ، قالهما أبو عبيدة . الثالث : أنَّ الباءَ للاستعانةِ ، والمفعولُ محذوفٌ تقديرُه : اقرَأْ ما يُوْحَى إليك مُسْتعيناً باسمِ ربِّك . الرابع : أنها بمعنى " على " ، أي : اقرأْ على اسمِ ربِّك كما في قولِه : { وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ } [ هود : 41 ] قاله الأخفش ، وقد تَقَدَّم أولَ هذا الموضوع : كيف قَدَّمَ هذا الفعلَ على الجارِّ وقُدِّرَ متأخراً في بسم الله الرحمن الرحيم ، وتخريجُ الناسِ له ، فأغنى عن إعادَتِه .