البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَٱلۡمُورِيَٰتِ قَدۡحٗا} (2)

القدح : الصك ، وقيل : الاستخراج ، ومنه قدحت العين : أخرجت منها الفاسد ، والقداح والقداحة والمقدحة : ما تورى به النار .

{ فالموريات قدحاً } ، والإيراء : إخراج النار ، أي تقدح بحوافرها الحجارة فيتطاير منها النار لصك بعض الحجارة بعضاً .

ويقال : قدح فأورى ، وقدح فأصلد .

وتسمى تلك النار التي تقدحها الحوافر من الخيل أو الإبل : نار الحباحب .

قال الشاعر :

تقدّ السلو في المضاعف نسجه *** وتوقد بالصفاح نار الحباحب

وقيل : { فالموريات قدحاً } مجاز ، أو استعارة في الخيل تشعل الحرب ، قاله قتادة .

وقال تعالى : { كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله } ويقال : حمي الوطيس إذا اشتدّ الحرب .

وقال ابن عباس ومجاهد وزيد بن أسلم : الموريات : الجماعة التي تمكر في الحرب ، والعرب تقوله إذا أرادت المكر بالرجل : والله لا يكون ذلك ، ولأورين لك .

وعن ابن عباس أيضاً : التي توري نارها بالليل لحاجتها وطعامها .

وعنه أيضاً : جماعة الغزاة تكثر النار إرهاباً .

وقال عكرمة : ألسنة الرجال توري النار من عظيم ما تتكلم به ، وتظهر من الحجج والدلائل ، وإظهار الحق وإبطال الباطل .