البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الزلزلة

هذه السورة مكية فيقول ابن عباس ومجاهد وعطاء ، مدنية في قول قتادة ومقاتل ، لأن آخرها نزل بسبب رجلين كانا بالمدينة .

لما ذكر فيما قبلها كون الكفار يكونون في النار ، وجزاء المؤمنين ، فكأن قائلاً قال : متى ذلك ؟ فقال : { إذا زلزلت الأرض زلزالها } . قيل : والعامل فيها مضمر ، يدل عليه مضمون الجمل الآتية تقديره : تحشرون .

وقيل : اذكر .

وقال الزمخشري : تحدث ، انتهى .

وأضيف الزلزال إلى الأرض ، إذ المعنى زلزالها الذي تستحقه ويقتضيه جرمها وعظمها ، ولو لم يضف لصدق على كل قدر من الزلزال وإن قل ؛ والفرق بين أكرمت زيداً كرامة وكرامته واضح .

وقرأ الجمهور : { زلزالها } بكسر الزاي ؛ والجحدري وعيسى : بفتحها .

قال ابن عطية : وهو مصدر كالوسواس .

وقال الزمخشري : المكسور مصدر ، والمفتوح اسم ، وليس في الأبنية فعلال بالفتح إلا في المضاعف ، انتهى .

أما قوله : والمفتوح اسم ، فجعله غيره مصدراً جاء على فعلال بالفتح .

ثم قيل : قد يجيء بمعنى اسم الفاعل ، فتقول : فضفاض في معنى مفضفض ، وصلصال : في معنى مصلصل .

وأما قوله : وليس في الأبنية الخ ؛ فقد وجد فيها فعلال بالفتح من غير المضاعف ، قالوا : ناقة بها خزعان بفتح الخاء وليس بمضاعف .