البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ وَلَئِن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٞ} (7)

وتقدم شرح تأذن وتلقيه بالقسم في قوله في الأعراف : { وإذ تأذن ربك ليبعثن } واحتمل إذ أن يكون منصوباً باذكروا ، وأن يكون معطوفاً على إذ أنجاكم ، لأنّ هذا الإعلام بالمزيد على الشكر من نعمه تعالى .

والظاهر أنّ متعلق الشكر هو الإنعام أي : لئن شكرتم إنعامي ، وقاله الحسن والربيع .

قال الحسن : لأزيدنكم من طاعتي .

وقال الربيع : لأزيدنكم من فضلي .

وقال ابن عباس : أي لئن وحدتم وأطعتم لأزيدنكم في الثواب .

وكأنه راعى ظاهر المقابلة في قوله : ولئن كفرتم إن عذابي لشديد .

وظاهر الكفر المراد به الشرك ، فلذلك فسر الشكر بالتوحيد والطاعة وغيره .

قال : ولئن كفرتم ، أي نعمتي فلم تشكروها ، رتب العذاب الشديد على كفران نعمة الله تعالى ، ولم يبين محل الزيادة ، فاحتمل أن يكون في الدنيا أو في الآخرة ، أو فيهما ، وجاء التركيب على ما عهد في القرآن من أنه إذا ذكر الخبر أسند إليه تعالى .

وإذ ذكر العذاب بعده عدل عن نسبته إليه فقال : لأزيدنكم ، فنسب الزيادة إليه وقال : إنّ عذابي لشديد ، ولم يأت التركيب لأعذبنكم ، وخرج في لأزيدنكم بالمفعول ، وهنا لم يذكر ، وإن كان المعنى عليه أي : إنّ عذابي لكم لشديد .

وقرأ عبد الله : وإذ قال ربكم ، كأنه فسر قوله : تأذن ، لأنه بمعنى أذن أي : أعلم ، وأعلم يكون بالقول .