غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ وَلَئِن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٞ} (7)

1

ومن جملة النعم قوله : { وإذ تأذن } أي واذكروا حين آذن { ربكم } إيذاناً بليغاً ينتفي عنده الشكوك وتنزاح معه الشبهات . وقد تقدم في أواخر " الأعراف " أن فيه معنى القسم ولذلك دخلت اللام الموطئة في الشرط والنون المؤكدة في الجزاء ، وقد سلف منا في هذا الكتاب أن الشكر بالحقيقة عبارة عن صرف العبد جميع أقسام ما أنعم الله تعالى به عليه فيما أعطاه لأجله . ولا شك أن المكلف إذا سلك هذا الطريق كان دائماً في مطالعة أقسام نعم الله وفي ملاحظة دقائق لطفه وصنعه وفي إعمال الجوارح في الأعمال الصالحة الكاسبة لأنوار الملكات الحميدة ، وشغل النفس بمطالعة النعم يوجب مزيد محبة المنعم ، وقد يترقى العبد من هذه الحالة إلى أن يصير حبه للمنعم شاغلاً له عن رؤية النعم ، ويصدر منه الأعمال الصالحة بطريق الاعتياد حتى يصير التطبع طباعاً والتكلف خلقاً ، وهذا معنى اقتضاء الشكر مزيد الإنعام وقد يفيض عليه بحكم وعد الله الذي هو الحق والصدق سجال مواهبه الدينية والدنيوية لأنه مهما صار مطيعاً منقاداً لواجب الوجود سبحانه تجلى فيه نور الوجود ، فلا غرو - أي لا عجب - أن ينقاد لذلك النور كثير من الممكنات وينفتح عليه باب التصرف في الخلق بالحق للحق ، وإن كان حال المكلف بضد ما قلنا ظهر عليه أضداد تلك الآثار لا محالة وذلك قوله : { ولئن كفرتم } يعني كفران النعم { إن عذابي لشديد } .

/خ17