فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ وَلَئِن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٞ} (7)

{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ } { تأذن } بمعنى أذن ، قاله الفراء ، قال في الكشاف : ولا بدّ في تفعل من زيادة معنى ليست في أفعل ، كأنه قيل : وإذ أذن ربكم إيذاناً بليغاً تنتفي عنه الشكوك وتنزاح الشبه . والمعنى : وإذ تأذن ربكم فقال : { لَئِن شَكَرْتُمْ } أو أجرى { تأذن } مجرى قال ، لأنه ضرب من القول . انتهى . وهذا من قول موسى لقومه ، وهو معطوف على نعمة الله أي : اذكروا نعمة الله عليكم ، واذكروا حين تأذن ربكم . وقيل : هو معطوف على قوله : إذ أنجاكم ، أي : اذكروا نعمة الله تعالى في هذين الوقتين ، فإن هذا التأذن أيضاً نعمة . وقيل : هو من قول الله سبحانه ، أي : واذكر يا محمد إذ تأذن ربكم ، وقرأ ابن مسعود «وإذ قال ربكم » والمعنى واحد كما تقدم ، واللام في لئن شكرتم هي الموطئة للقسم . وقوله : { لأَزِيدَنَّكُمْ } سادّ مسدّ جوابي الشرط والقسم ، وكذا اللام في { وَلَئِن كَفَرْتُمْ } وقوله : { إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } سادّ مسدّ الجوابين أيضاً ، والمعنى : لأن شكرتم إنعامي عليكم بما ذكر لأزيدنكم نعمة إلى نعمة تفضلاً مني . وقيل : لأزيدنكم من طاعتي . وقيل : لأزيدنكم من الثواب . والأوّل أظهر ، فالشكر سبب المزيد ، ولئن كفرتم ذلك وجحدتموه { إن عذابي لشديد } ، فلا بدّ أن يصيبكم منه ما يصيب . وقيل : إن الجواب محذوف ، أي : ولئن كفرتم لأعذبنكم ، والمذكور تعليل للجواب المحذوف .

/خ12