البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{۞فَـَٔامَنَ لَهُۥ لُوطٞۘ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّيٓۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (26)

{ فآمن له لوط } : لم يؤمن بإبراهيم أحد من قومه إلا لوط عليه السلام ، حين رأى النار لم تحرقه ، وكان ابن أخي سارة ، أو كانت بنت عمه .

والضمير في { وقال } عائد على إبراهيم ، وهو الظاهر ، ليتناسق مع قوله : { ووهبنا له إسحاق } ، وهو قول قتادة والنخعي .

وقالت فرقة : يعود على لوط ، وهاجر ، وإبراهيم ، عليهم السلام ، من قريتهما كوثى ، وهي في سواد العراق ، من أرض بابل ، إلى فلسطين من أرض الشأم .

وكان إبراهيم ابن خمس وسبعين سنة ، وهو أول من هاجر في الله .

وقال ابن جريج : هاجر إلى حران ، ثم إلى الشام ، وفي هجرته هذه كانت معه سارة .

والمهاجر : الفارغ عن الشيء ، وهو في عرف الشريعة : من ترك وطنه رغبة في رضا الله .

وعرف بهذا الاسم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المهاجرون ، قبل فتح مكة .

{ إلى ربي } ، أي إلى الجهة التي أمرني ربي بالهجرة إليها .

وقيل : إلى حيث لا أمنع عبادة ربي .

وقيل : مهاجراً من خالفني من قومي ، متقرباً إلى ربي .

ونزل إبراهيم قرية من أرض فلسطين ، وترك لوطاً في سدوم ، وهي المؤتفكة ، على مسيرة يوم وليلة من قرية إبراهيم عليهما السلام .

{ إنه هو العزيز } الذي لا يذل من عبده ، { الحكيم } الذي يضع الأشياء مواضعها .