وبين ما تلك الفاحشة المبهمة في قوله : { إنكم لتأتون الفاحشة } ، وإن كانت معينة أنها إتيان الذكور في الأدبار بقوله : { ما سبقكم بها } ، فقال : { أئنكم لتأتون الرجال } : يعني في الأدبار ، { وتقطعون السبيل } : الولد ، بتعطيل الفرج ووطء أدبار الرجال ، أو بإمساك الغرباء لذلك الفعل حتى انقطعت الطرق ، أو بالقتل وأخذ المال ، أو بقبح الأحدوثة حتى تنقطع سبل الناس في التجارات .
{ وتأتون في ناديكم } : أي في مجلسكم الذي تجتمعون فيه ، وهو اسم جنس ، إذ أنديتهم في مدائنهم كثيرة ، ولا يسمى نادياً إلاّ ما دام فيه أهله ، فإذا قاموا عنه ، لم يطلق عليه ناد إلاّ مجازاً .
و { المنكر } : ما تنكره العقول والشرائع والمروءات ، حذف الناس بالحصباء ، والاستخفاف بالغريب الخاطر ، وروت أم هانىء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
أو إتيان الرجال في مجالسهم يرى بعضهم بعضاً ، قاله منصور ومجاهد والقاسم بن محمد وقتادة بن زيد ؛ أو تضارطهم ؛ أو تصافعهم فيها ، قاله ابن عباس ؛ أو لعب الحمام ؛ أو تطريف الأصابع بالحناء ، والصفير ، والحذف ، ونبذ الحياء في جميع أمورهم ، قاله مجاهد أيضاً ، أو الحذف بالحصى ، والرمي بالبنادق ، والفرقعة ، ومضغ العلك ، والسواك بين الناس ، وحل الأزرار ، والسباب ، والفحش في المزاح ، قاله ابن عباس أيضاً مع شركهم بالله .
كانت فيهم ذنوب غير الفاحشة ، تظالم فيما بينهم ، وبشاعة ، ومضاريط في مجالسهم ، وحذف ، ولعب بالنرد والشطرنج ، ولبس المصبغات ، ولباس النساء للرجال ، والمكوس على كل عابر ؛ وهم أول من لاط ومن ساحق .
ولما وقفهم لوط عليه السلام على هذه القبائح ، أصروا على اللجاج في التكذيب ، فكان جوابهم له : { أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين } ، فيما تعدنا به من نزول العذاب ، قالوا ذلك وهم مصممون على اعتقاد كذبه فيما وعدهم به .
وفي آية أخرى : { إلاّ أن قالوا أخرجوا آل لوط } ، الجمع بينهما أنهم أولاً قالوا : { ائتنا بعذاب الله } ، ثم أنه كثر منه الإنكار ، وتكرر ذلك منه نهياً ووعظاً ووعيداً ، { قالوا أخرجوا آل لوط } .
ولما كان إنما يأمرهم بترك الفواحش وما كانوا يصنعونه من قبيح المعاصي ، ويعد على ذلك بالعذاب ، وكانوا يقولون إن الله لم يحرم هذا ولا يعذب عليه وهو يقول إن الله حرمه ويعذب عليه ، { قالوا ائتنا بعذاب الله } ، فكانوا ألطف في الجواب من قوم إبراهيم بقولهم : { اقتلوه أو حرّقوه } ، لأنه كان لا يذم آلهتهم ، وعهد إلى أصنامهم فكسرها ، فكان فعله هذا معهم أعظم من قول لوط لقومه ، فكان جوابهم له : { أن قالوا اقتلوه أو حرقوه } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.