قوله تعالى : { فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ } أي صدقه ، وهو أول من صدق إبراهيم ، وكان ابن أخيه وقال إبراهيم : { إني مُهَاجر إلى ربي } إلى حيث أمرني ربي بالتوجه إليه من «كوثا » وهو من سواد الكوفة إلى «حران ثم إلى الشام ومعه » لوط «وامرأته » سارة «وهو أول من هاجر » . وقال مقاتل : هاجر إبراهيم ( عليه الصلاة والسلام ){[41325]} وهو ابن خَمْسٍ وسبعينَ{[41326]} سنةً . ثم قال : { إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } ، عزيز يمنع أعدائي عن إيذائي بعونه ، و «حكيم » لا يأمرني إلا بما يوافق الحكمة .
( فإن قيل ){[41327]} : قوله { فآمن له لوط } أي بعد ما رأى منه العجز القاهر ، ودرجة لوط كانت عالية فبقاؤه إلى هذه الوقت مما ينقص من الدرجة ، ألا ترى إلى{[41328]} أبي بكر - رضي الله عنه - لما قبل دين محمد - صلى الله عليه وسلم - كان قبوله قبل الكل من غير سماع تكلم الحَصَى ، ولا رُؤية انْشِقَاق القَمَر .
فالجواب : أن لوطاً لما رأى معجزته آمن برسالته ، وأما بالوحدانية فآمن مِن حيث سمع مقالته ، ولهذا قال : { فآمن له لوط } ، ولم يقل : «فآمن لوط » .
فإن{[41329]} قيل : ما وجه تعلق قوله : { وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إلى ربي } بما{[41330]} تقدم ؟ .
فنقول : لما بالغ إبراهيم في الإرشاد ، ولم يهتدِ قومه وحصل اليأس الكلي ، ورأى القوم الآية الكبرى ولم يؤمنوا وجبت{[41331]} المهاجرة ، لأن الهادي إذا هدى قومه ولم ينتفعوا فبقاؤه فيهم مفسد ، لأنه إذا دام على الإرشاد كان اشتغالاً بما لا ينتفع في علمه ، فيصير كمن يقول للحجر صدق ، وهو عبث والسكوت دليل الرضا فيقال : إنه صار منا ، ورضي بأفعالنا ، وإذا لم يبق للإقامة وجه وجبت المهاجرة .
فإن قيل : ما الحكمة في قوله : { إِنِّي مُهَاجِرٌ إلى ربي } ولم يقل : { مهاجر إلى حيثُ أمرني ربي } مع أن المهاجرة إلى الرب توهم الجهة .
فالجواب : أن قوله { إلى حيث أمرني ربي } ليس في الإخلاص ، كقوله : «إلَى رَبِّي » لأن الملك إذا صدر منه أمر برواح الأجناد إلى موضع ثم إن واحداً منهم عاد إلى ذلك الموضع لغرض ( في ){[41332]} نفسه يصيبه ، فقد هاجر إلى حيث أمره الملك ولكن لا مخلصاً لوجهه ، وقال : { مهاجر إلى ربي } يعني : توجهي إلى الجهة المأمور بالهجرة إليها ليس طلباً للجهة ، إنما طلب لله{[41333]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.