البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ وَلِيَتَمَتَّعُواْۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (66)

والظاهر في { ليكفروا } أنها لام كي ، وعطف عليه { وليتمتعوا } في قراءة من كسر اللام وهم : العربيان ونافع وعاصم ، والمعنى : عادوا إلى شركهم .

{ ليكفروا } : أي الحامل لهم على الشرك هو كفرهم بما أعطاهم الله تعالى ، وتلذذهم بما متعوا به من عرض الدنيا ، بخلاف المؤمنين ، فإنهم إذا نجوا من مثل تلك الشدة ، كان ذلك جالب شكر الله تعالى ، وطاعة له مزدادة .

وقيل : اللام في : { ليكفروا } ، { وليتمتعوا } ، لام الأمر ، ويؤيده قراءة من سكن لام وليتمتعوا وهم : ابن كثير ، والأعمش ، وحمزة ، والكسائي ؛ وهذا الأمر على سبيل التهديد ، كقوله : { اعملوا ما شئتم } وقال الزمخشري : فإن قلت : كيف جاز أن يأمر الله تعالى بالكفر ، وبأن يعمل العصاة ما شاؤا ، وهو ناه عن ذلك ومتوعد عليه ؟ قلت : هو مجاز عن الخذلان والتحلية ، وإن ذلك الأمر مسخط إلى غاية . انتهى .

والتحلية والخذلان من ألفاظ المعتزلة .

وقرأ ابن مسعود : فتمتعوا فسوف تعلمون ، بالتاء فيهما : أي قيل لهم تمتعوا فسوف تعلمون ، وكذا في مصحف أبيّ .

وقرأ أبو العالية : فيتمتعوا ، بالياء ، مبنياً للمفعول .

ومن قرأ : وليتمتعوا ، بسكون اللام ، وكان عنده اللام في : ليكفروا ، لام كي ، فالواو عاطفة كلاماً على كلام ، لا عاطفة فعلا على فعل .

وحكى ابن عطية ، عن ابن مسعود : لسوف تعلمون ، باللام ،