البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فِيٓ أَدۡنَى ٱلۡأَرۡضِ وَهُم مِّنۢ بَعۡدِ غَلَبِهِمۡ سَيَغۡلِبُونَ} (3)

وأجمع الناس على سيغلبون بفتح الياء ، يراد به الروم .

وروي عن ابن عمر أنه قرأ سيغلبون بضم الياء ، وفي هذه القراءة قلب المعنى الذي تظاهرت به الروايات . انتهى .

وقوله : وأجمعوا ، ليس كذلك .

ألا ترى أن الذين قرأوا غلبت بفتح الغين هم الذين قرأوا سيغلبون بضم الياء وفتح اللام ، وليست هذه مخصوصة بابن عمر ؟ وقرأ الجمهور : غلبهم ، بفتح الغين واللام : وعلي ، وابن عمر ، ومعاوية بن قرة : بإسكانها ؛ والقياس عن ابن عمر : وغلابهم ، على وزن كتاب .

والروم : طائفة من النصارى ، وأدنى الأرض : أقربهما : فإن كانت الواقعة في أذرعات ، فهي أدنى الأرض بالنظر إلى مكة ، وهي التي ذكرها امرؤ القيس في قوله :

تنوّرتها من أذرعات وأهلها *** بيثرب أدنى دارها نظر عال

وإن كانت بالجزيرة ، فهي أدنى بالنظر إلى أرض كسرى .

فإن كانت بالاردن ، فهي أدنى بالنظر إلى أرض الروم .

وقرأ الكلبي : { في أدنى الأرض } ، وتقدم الكلام في مدلول البضع باعتبار القراءتين .