البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَذَٰلِكُمۡ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمۡ أَرۡدَىٰكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (23)

{ وذلكم } : إشارة إلى ظنهم أن الله لا يعلم كثيراً من أعمالهم ، وهو مبتدأ خبره { أرداكم } ، و { ظنكم } بدل من { ذلكم } أي وظنكم بربكم ذلكم أهلككم .

وقال الزمخشري : وظنكم وأرداكم خبران .

وقال ابن عطية : أرداكم يصلح أن يكون خبراً بعد خبر . انتهى .

ولا يصح أن يكون ظنكم بربكم خبراً ، لأن قوله : { ذلكم } إشارة إلى ظنهم السابق ، فيصير التقدير : وظنكم بأن ربكم لا يعلم ظنكم بربكم ، فاستفيد من الخبر ما استفيد من المبتدأ ، وهو لا يجوز ؛ وصار نظير ما منعه النحاة من قولك : سيد الجارية مالكها .

وقال ابن عطية : وجوز الكوفيون أن يكون معنى أرداكم في موضع الحال ، والبصريون لا يجيزون وقوع الماضي حالاً إلا إذا اقترن بقد ، وقد يجوز تقديرها عندهم إن لم يظهر . انتهى .

وقد أجاز الأخفش من البصريين وقوع الماضي حالاً بغير تقدير قد وهو الصحيح ، إذ كثر ذلك في لسان العرب كثرة توجب القياس ، ويبعد فيها التأويل ، وقد ذكرنا كثرة الشواهد على ذلك في كتابنا المسمى ( بالتذييل والتكميل في شرح التسهيل ) .