البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّن يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لَّا يَسۡتَجِيبُ لَهُۥٓ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَهُمۡ عَن دُعَآئِهِمۡ غَٰفِلُونَ} (5)

{ ومن أضل ممن } يعبد الأصنام ، وهي جماد لا قدرة لها على استجابة دعائهم ما دامت الدنيا ، أي لا يستجيبون لهم أبداً ، ولذلك غياً انتفاء استجابتهم بقوله : { إلى يوم القيامة } ، ومع ذلك لا شعور لهم بعبادتهم إياهم ، وهم في الآخرة أعداء لهم ، فليس لهم في الدنيا بهم نفع ، وهم عليهم في الآخرة ضرر ، كما قال تعالى : { سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً } وجاء { من لا يستجيب } ، لأنهم يسندون إليهم ما يسند لأولي العلم من الاستجابة والغفلة ؛ أو كأن { من لا يستجيب } يراد به من عبد من دون الله من إنس وجن وغيرهما ، وغلب من يعقل ، وحمل أولاً على لفظ { من لا يستجيب } ، ثم على المعنى في : وهم من ما بعده .

والظاهر عود الضمير أولاً على لفظ { من لا يستجيب } ، ثم على المعنى في : وهم على معنى من في : { من لا يستجيب } ، كما فسرناه .

وقيل : يعود على معنى من في : { ومن أضل } ، أي والكفار عن ضلالهم بأنهم يدعون من لا يستجيب .

{ غافلون } : لا يتأملون ما عليهم في دعائهم من هذه صفته .