فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّن يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لَّا يَسۡتَجِيبُ لَهُۥٓ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَهُمۡ عَن دُعَآئِهِمۡ غَٰفِلُونَ} (5)

{ ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون( 5 ) } .

استفهام يراد به النفي ، فليس من أحد يفوق المشركين أو يساويهم في ضلالهم إذ تركوا نداء السميع المجيب ، ودعوا ما لا يسمع ، وإن سمع لا ينفع ولا يدفع .

الآية الرابعة نفت عمن زعموهم شركاء القدرة على الخلق ، وهذه الآية المباركة سلبتهم العلم والعمل : { . . لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون } وقريب منه قول الحق تبارك اسمه{ إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم . . }{[4592]} .

يقول أبو جعفر الطبري : وآلهتهم التي يدعونها{[4593]} عن دعائهم إياها{[4594]} في غفلة ، لأنها لا تسمع ولا تنطق ولا تعقل ، وإنما عنى بوصفها بالغفلة تمثيلها بالإنسان الساهي عما يقال له إذا كانت لا تفهم مما يقال شيئا كما لا يفهم الغافل عن الشيء ما غفل عنه ، وإنما هذا توبيخ من الله لهؤلاء المشركين لسوء رأيهم وقبح اختيارهم في عبادتهم من لا يعقل شيئا ولا يفهم ، وتركهم عبادة من وهبهم جميع ما بهم من نعمة ، ومن به استغاثتهم عندما ينزل بهم من الحوائج والمصائب ، وقيل{ من لا يستجيب } فأخرج ذكر الآلهة وهي جماد مخرج ذكر بني آدم ومن له الاختيار والتمييز إذا كانت قد مثلتها عَبَدَتُهَا بالملوك والأمراء التي تخدم في خدمتهم إياها ؛ فأجرى الكلام في ذلك على نحو ما كان جاريا فيه عندهم اه .


[4592]:سورة فاطر. من الآية 14.
[4593]:نقلته بتصرف، إذ حين يكون الحديث عما لا يعقل لا يستعمل-أصلا- ضمير العقلاء.
[4594]:نقلته بتصرف، إذ حين يكون الحديث عما لا يعقل لا يستعمل-أصلا- ضمير العقلاء.