محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّن يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لَّا يَسۡتَجِيبُ لَهُۥٓ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَهُمۡ عَن دُعَآئِهِمۡ غَٰفِلُونَ} (5)

[ 5 ] { ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون 5 } .

{ ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له } أي : دعاءه لعجزه عنها { إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون } أي : لأنهم إما جمادات ، وإما مسخّرون مشغولون بأحوالهم . و ( الغفلة ) مجاز عن عدم الفائدة فيها . أو هو تغليب لمن يتصور منه الغفلة على غيره .

لطيفة :

قال الناصر : في قوله { إلى يوم القيامة } نكتة حسنة . وذلك أنه جعل يوم القيامة غاية لعدم الاستجابة . ومن شأن الغاية انتهاء المغيّا عندها ، لكن عدم الاستجابة مستمر بعد هذه الغاية ، لأنهم في القيامة أيضا لا يستجيبون لهم . فالوجه-والله أعلم- أنها من الغايات المشعرة بأن ما بعدها ، وإن وافق ما قبلها ، إلا أنه أزيد منه زيادة بينة تلحقه بالثاني ، حتى كأن الحالتين ، وإن كانتا نوعا واحدا لتفاوت ما بينهما ، كالشيء وضده . وذلك أن الحالة الأولى التي جعلت غايتها القيامة ، لا تزيد على عدم الاستجابة . والحالة الثانية التي في القيامة ، زادت على عدم الاستجابة بالعداوة بالكفر بعبادتهم إياهم . فهو من وادي ما تقدم آنفا/في سورة الزخرف في قوله :{[6544]} { بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين * ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون } انتهى .


[6544]:[43/الزخرف/ 29و30].