فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّن يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لَّا يَسۡتَجِيبُ لَهُۥٓ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَهُمۡ عَن دُعَآئِهِمۡ غَٰفِلُونَ} (5)

{ ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له ؟ } أي لا أحد أضل منه ولا أجهل ، فإنه دعا من لا يسمع فكيف يطمع في الإجابة فضلا عن جلب نفع أو دفع ضر ، فتبين بهذا أنه أجهل الجاهلين . وأضل الضالين والإستفهام للتوبيخ والتقريع .

{ إلى يوم القيامة } غاية لعدم الاستجابة والمراد بها التأييد كقوله تعالى : { وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين } قاله الشهاب ، وقال في الانتصاف في هذه الغاية نكتة ، وهي أنه تعالى جعل عدم الاستجابة مغيا بيوم القيامة ، فأشعرت الغاية بانتفاء الاستجابة في يوم القيامة على وجه أبلغ وأتم وأوضح وضوحا ألحقه بالبين الذي لا يتعرض لذكره ، إذ هناك تتجدد العداوة والمباينة بينها وبين عابديها .

{ وهم عن دعائهم غافلون } الضمير الأول للأصنام ، والثاني لعابديها ، والمعنى ، الأصنام التي يدعونها غافلون عن ذلك لا يسمعون ولا يعقلون ، لكونهم جمادات ، فالغفلة مجاز عن عدم الفهم فيهم والجمع في الضميرين باعتبار معنى من ، وأجرى على الأصنام ما هو للعقلاء ، لاعتقاد المشركين فيها أنها تعقل .