ألت يألت : بضم اللام وكسرها ألتاً ، ولات يليت وألات يليت ، رباعياً ، ثلاث لغات حكاها أبو عبيدة ، والمعنى نقص . وقال رؤبة :
وليلة ذات ندى سريت *** ولم يلتني عن سراها ليت
أي : لم يمنعني ولم يحسبني . وقال الحطيئة :
أبلغ سراة بني سعد مغلظة *** جهد الرسالة لا ألتا ولا كذبا
{ قالت الأعراب آمنا } ، قال مجاهد : نزلت في بني أسد بن خزيمة ، قبيلة تجاور المدينة ، أظهروا الإسلام وقلوبهم دخلة ، إنما يحبون المغانم وعرض الدنيا .
وقيل : مزينة وجهينة وأسلم وأشجع وغفار قالوا آمنا فاستحققنا الكرامة ، فردّ الله تعالى عليهم بقوله : { قل لم تؤمنوا } ، أكذبهم الله في دعوى الإيمان ، ولم يصرح بإكذابهم بلفظه ، بل بما دل عليه من انتفاء إيمانهم ، وهذا في أعراب مخصوصين .
فقد قال الله تعالى : { ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر } الآية .
{ ولكن قولوا أسلمنا } ، فهو اللفظ الصادق من أقوالكم ، وهو الاستسلام والانقياد ظاهراً ، ولم يواطىء أقوالكم ما في قلوبكم ، فلذلك قال : { ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } : وجاء النفي بلما الدالة على انتفاء الشيء إلى زمان الإخبار ، وتبين أن قوله : { لم تؤمنوا } لا يراد به انتفاء الإيمان في الزمن الماضي ، بل متصلاً بزمان الإخبار أيضاً ، لأنك إذا نفيت بلم ، جاز أن يكون النفي قد انقطع ، ولذلك يجوز أن تقول : لم يقم زيد وقد قام ، وجاز أن يكون النفي متصلاً بزمن الإخبار .
فإذا كان متصلاً بزمن الإخبار ، لم يجز أن تقول : وقد قام ، لتكاذب الخبرين .
وأما لما ، فإنها تدل على نفي الشيء متصلاً بزمان الإخبار ، ولذلك امتنع لما يقم زيد وقد قام للتكاذب .
والظاهر أن قوله : { لما يدخل الإيمان في قلوبكم } ليس له تعلق بما قبله من جهة الإعراب .
وقال الزمخشري : فإن قلت : هو بعد قوله : { قل لم تؤمنوا } يشبه التكرير من غير استقلال بفائدة متجددة ؛ قلت : ليس كذلك ، فإن فائدة قوله : { لم تؤمنوا } هو تكذيب دعواهم ، وقوله : { ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } توقيت لما أمروا به أن يقولوه ، كأنه قيل لهم : { ولكن قولوا أسلمنا } حين لم يثبت مواطأة قلوبكم لألسنتكم ، لأنه كلام واقع موقع الحال من الضمير في قوله : { قولوا } . انتهى .
والذي يظهر أنهم أمروا أن يقولوا : { قولوا أسلمنا } غير مقيد بحال ، وأن { ولما يدخل الإيمان } إخبار غير قيد في قولهم .
وقال الزمخشري : وما في لما من معنى التوقع دال على أن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد .
انتهى ، ولا أدري من أي وجه يكون ما نفي بلما يقع بعد ولما ، إنما تنفي ما كان متصلاً بزمان الإخبار ، ولا تدل على ما ذكر ، وهي جواب لقد فعل ، وهب أن قد تدل على توقع الفعل .
فإذا نفي ما دل على التوقع ، فكيف يتوهم أنه يقع بعد : { وإن تطيعوا الله ورسوله } بالإيمان والأعمال ؟ وهذا فتح لباب التوبة .
وقرأ الجمهور : { لا يلتكم } ، من لات يليت ، وهي لغة الحجاز .
والحسن والأعرج وأبو عمرو : ولا يألتكم ، من ألت ، وهي لغة غطفان وأسد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.