البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَيۡهِمۡ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (5)

{ ولو أنهم صبرو حتى تخرج إليهم } ، قال الزمخشري : { أنهم صبروا } في موضع الرفع على الفاعلية ، لأن المعنى : ولو ثبت صبرهم . انتهى . وهذا ليس مذهب سيبويه ، أن أن وما بعدها بعد لو في موضع مبتدأ ، لا في موضع فاعل .

ومذهب المبرد أنها في موضع فاعل بفعل محذوف ، كما زعم الزمخشري .

واسم كان ضمير يعود على المصدر المفهوم من صبروا ، أي لكان هو ، أي صبرهم خيراً لهم .

وقال الزمخشري : في كان ، إما ضمير فاعل الفعل المضمر بعد لو .

انتهى ، لأنه قدر أن وما بعدها فاعل بفعل مضمر ، فأعاد الضمير على ذلك الفاعل ، وهو الصبر المنسبك من أن ومعمولها خيراً لهم في الثواب عند الله ، وفي انبساط نفس الرسول صلى الله عليه وسلم وقضائه لحوائجهم .

وقد قيل : إنهم جاءوا في أسارى ، فأعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم النصف وفادى على النصف ، ولو صبروا لأعتق الجميع بغير فداء .

وقيل : لكان صبرهم أحسن لأدبهم .

{ والله غفور رحيم } ، لن يضيق غفرانه ورحمته عن هؤلاء إن تابوا وأنابوا .