البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡۖ وَإِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ} (3)

وقرأ الجمهور : { صوركم } بضم الصاد ؛ وزيد بن عليّ وأبو رزين : بكسرها ، والقياس الضم ، وهذا تعديد للنعمة في حسن الخلقة ، لأن أعضاء بني آدم متصرّفة بجميع ما تتصرّف فيه أعضاء الحيوان ، وبزيادة كثيرة فضل بها .

ثم هو مفضل بحسن الوجه وجمال الجوارح ، كما قال تعالى : { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } وقيل : النعمة هنا إنما هي صورة الإنسان من حيث هو إنسان مدرك عاقل ، فهذا هو الذي حسن له حتى لحقته كمالات كثيرة ، وتكاد العرب لا تعرف الصورة إلا الشكل ، لا المعنى القائم بالصورة .