الآية 3 وقوله تعالى : { خلق السماوات والأرض بالحق } قد وصفنا أن الحق إذا جرى ذكره ، يصرف في كل شيء إلى [ ما ]{[21324]} هو أليق به ، فإذا ذكر في الأخبار أريد [ به ]{[21325]} الصدق ، وإذا ذكر في الأحكام أريد به العدل ، وإذا ذكر في الأقوال أريد به الإصابة .
فلما قال : { بالحق } ههنا أراد{[21326]} به الحكمة ؛ كأنه يقول : { خلق السماوات والأرض } بالحكمة .
وقال بعضهم : { بالحق } يعني للحق ، وهو البعث ، فكأنهم عنوا به أن الله تعالى لم يخلقها عبثا ، بل [ خلقها للمعاد ]{[21327]} .
وقوله تعالى : { وصوّركم فأحسن صوركم وإليه المصير } يحتمل هذا وجهين :
أحدهما : أحسن أي أتقن ، وأحكم ، ومعنى ذلك أن الله تعالى خص صور بني آدام في الاستدلال بوحدانيته وربوبيته في أن جعل في أنفسهم حقيقة المعرفة والاستدلال بأنفسهم على وحدانية الله تعالى .
وأما غيرهم من الصور فإنما يقع الاستدلال لغيرها بها ، ليس لنفس تلك الصور حقيقة المعرفة والاستدلال بوحدانية . ولذلك كان خلق صور بني آدم أتقن وأحكم ، والله أعلم .
والثاني : أن يصرف الحسن إلى حسن المنظر ؛ ومعنى ذلك أن الله تعالى خلق بني آدم على صورة ، لا بد من أن تكون صورتهم مثل صورة غيرهم من الخلائق ، فثبت أن صورتهم في المنظر أحسن صورة .
فذلك معنى قوله تعالى : { وإليه المصير } يعني البعث . وأضاف ذلك إلى نفسه لأنه هو النهاية والمقصود في خلقهم .
ولما لم يفهم أحد من قوله : { وإليه المصير } معنى الانتقال والتحول من مكان إلى مكان ، من حيث أنه يضاف إلى الله تعالى ، لأن هذا فعل يكون باثنين ، فإن من صار إلى شيء صار ذلك إليه مثل الملاقاة والإتيان ونحو ذلك ، فلما لم يفهم منه الانتقال لم ينبغ أن يفهم من قوله { وجاء ربك والملك صفا صفا } [ الفجر : 22 ] معنى الانتقال ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.