ولما ذكر المظروف ذكر ظرفه دالاً على تمام إحاطته بالبواطن والظواهر .
وقوله تعالى : { خلق السماوات } أي : على علوها وكبرها { والأرض } على سعتها { بالحق } أي : بالأمر الذي يطابقه الواقع لما أراد { وصورّكم } أي : آدم عليه السلام خلقه بيده كرامة له . قال مقاتل : وقيل : جميع الخلائق على صور لا توافق شيئاً من صور العلويات ، ولا السفليات ، ولا فيها صور توافق الأخرى من كل وجه { فأحسن صوركم } فجعلها أحسن الحيوانات كلها كما هو مشاهد ، وبدليل أن الإنسان لا يتمنى أن يكون على خلاف ما يرى من سائر الصور ، ومن حسن صورته أن خلقه منتصباً غير منكب كما قال تعالى : { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } [ التين : 4 ] كما يأتي إن شاء الله تعالى .
فإن قيل : قد يوجد في أفراد هذا النوع من كل مشوه الخلقة سمج الصورة .
أجيب : بأنه لا سماجة لأن الحسن في المعاني ، وهو على طبقات ومراتب ، فانحطاط بعض الصور عن مراتب ما فوقه لا يمنع حسنه ، فهو داخل في حيز الحسن غير خارج عن حدّه ، فقبح القبيح منه إنما هو بالنسبة إلى أحسن منه . ولذا قال الحكماء : شيئان لا غاية لهما الجمال والبيان ، فقدرة الله سبحانه وتعالى لا تتناهى .
قال البقاعي : فإياك أن تصغي لما وقع في كتب الغزالي إنه ليس في الإمكان أبدع مما كان ، فإن ذلك ينحل إلى أنه سبحانه لا يقدر أن يخلق أحسن من هذا العالم ، وهذا لا يقوله أحد ، ا . ه . وهو لا ينقص مقدار الغزالي فإن كل أحد يؤخذ من كلامه ويرد عليه كما قال الإمام مالك ، وعزاه الغزالي نفسه إلى ابن عباس رضي الله عنهما ، وقال الشافعي : صنفت هذه الكتب وما ألوت فيها جهداً وإني لا علم أن فيها الخطأ لأن الله تعالى يقول : { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا } [ النساء : 82 ] ولما كان التقدير فكان منه سبحانه المبدأ عطف عليه قوله تعالى : { وإليه } وحده { المصير } أي : المرجع بعد البعث فيجازى كلاً بعمله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.