فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡۖ وَإِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ} (3)

ثم لما ذكر سبحانه خلق العالم الصغير اتبعه بخلق العالم الكبير فقال :

{ خلق السموات والأرض } خلقا متلبسا { بالحق } أي بالحكمة البالغة ، وقيل : خلق ذلك خلقا يقينيا لا ريب فيه ، وقيل . الباء بمعنى اللام ، أي خلق ذلك لإظهار الحق ، وهو أن يجزي المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، ثم رجع سبحانه إلى خلق العالم الصغير كذا قال مقاتل ، وقيل : المراد جميع الخلائق وهو الظاهر ، أي أنه سبحانه خلقهم في أكمل صورة وأحسن تقويم ، وأجمل شكل وأبهاه ، لا يتمنى الإنسان أن تكون صورته على خلاف ما يرى سائر الصور قال بعض الحكماء شيئان لا غاية لهما ، الجمال والبيان ، والتصوير والتخطيط والتشكيل ، قرأ الجمهور صوركم بضم الصاد وقرئ بكسرها .

{ وإليه المصير } في الدار الآخرة لا على غيره .

" وعن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس ، فعرج به على الرب فيقول : يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي الله ما هو قاض ، فيقول : أشقي أو سعيد ؟ فيكتب ما هو لاق ، وقرأ أبو ذر من فاتحه التغابن خمس آيات إلى قوله : { وإليه المصير } أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه .