البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{بِأَيِّ ذَنۢبٖ قُتِلَتۡ} (9)

8

وهذا السؤال هو لتوبيخ الفاعلين للوأد ، لأن سؤالها يؤول إلى سؤال الفاعلين .

وجاء قتلت بناء على أن الكلام إخبار عنها ، ولو حكى ما خوطبت به حين سئلت لقيل : قتلت .

{ بأي ذنب قتلت } : مبنياً للمفعول بتاء التأنيث فيهما إخباراً عنهما ، ولو حكي كلامها لكان قتلت بضم التاء .

وكان العرب إذا ولد لأحدهم بنت واستحياها ، ألبسها جبة من صوف أو شعر وتركها ترعى الإبل والغنم ، وإذا أراد قتلها تركها حتى إذا صارت سداسية قال لأمها : طيبيها ولينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها ، وقد حفر حفرة أو بئراً في الصحراء ، فيذهب بها إليها ويقول لها انظري فيها ؛ ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى يستوي بالأرض .

وقيل : كانت الحامل إذا قرب وضعها حفرت حفرة فتمخضت على رأسها ، فإذا ولدت بنتاً رمت بها في الحفرة ، وإن ولدت ابناً حبسته .

وقد افتخر الفرزدق ، وهو أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية ، بجده صعصعة ، إذ كان منع وأد البنات فقال :

ومنا الذي منع الوائدات *** فأحيا الوئيد ولم يوئد