فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{بِأَيِّ ذَنۢبٖ قُتِلَتۡ} (9)

{ وَإِذَا الموءودة سُئِلَتْ } أي المدفونة حية ، وقد كان العرب إذا ولدت لأحدهم بنت دفنها حية مخافة العار أو الحاجة ، يقال : وأد يئد وأداً ، فهو وائد ، والمفعول به موءود ، وأصله مأخوذ من الثقل لأنها تدفن ، فيطرح عليها التراب ، فيثقلها فتموت ، ومنه : { وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا } [ البقرة : 255 ] : أي لا يثقله ، ومنه قول متمم بن نويرة :

وموءودة مقبورة في مغارة *** . . .

ومنه قول الراجز :

سميتها إذ ولدت تموت *** والقبر صهر ضامن رميت

قرأ الجمهور { الموءودة } بهمزة بين واوين ساكنين كالموعودة . وقرأ البزي في رواية عنه بهمزة مضمومة ثم واو ساكنة . وقرأ الأعمش : «المودة » بزنة الموزة . وقرأ الجمهور { سئلت } مبنياً للمفعول ، وقرأ الحسن بكسر السين من سال يسيل . وقرأ الجمهور { قتلت } بالتخفيف مبنياً للمفعول ، وقرأ أبو جعفر بالتشديد على التكثير . وقرأ عليّ وابن مسعود وابن عباس سألت مبنياً للفاعل : «قتلت » بضم التاء الأخيرة . ومعنى { سئلت } على قراءة الجمهور : أن توجيه السؤال إليها لإظهار كمال الغيظ على قاتلها حتى كان لا يستحق أن يخاطب ويسأل عن ذلك وفيه تبكيت لقاتلها وتوبيخ له شديد . قال الحسن : أراد الله أن يوبخ قاتلها لأنها قتلت بغير ذنب ، وفي مصحف أبيّ «وإذا الموءودة سألت بأيّ ذنب قتلتني » .

/خ29