أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا لَهُمۡ فِيهِمَا مِن شِرۡكٖ وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِيرٖ} (22)

شرح الكلمات :

{ قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله } : أي أنهم شركاء لله في ألوهيته .

{ لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض } : أي ملكاً استقلالياً لا يشاركهم الله فيه .

{ وما لهم فيها من شرك } : أي وليس لهم من شركة في السموات ولا في الأرض .

{ وما له منهم من ظهير } : أي وليس لله تعالى من شركائكم الذين تدعونهم من معين على شيء .

المعنى :

وقوله تعالى : { قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله } أي قل يا رسولنا بعد هذا العرض والبيان الشافي الذي تقدم في هذا السياق للمشركين من قومك ما دمتم مصرين على الشرك بحجة أن شركاءكم ينفعُون ويصرون وأنهم يشفعون لكم يوم تبعثون ادعوهم غير أن الحقيقة التي يجب أن تسمعوها وتعلموها -وأنتم بعد ذلك وما ترون وتهوون- هي أن الذين تدعونهم من دون الله وجعلتموهم لله شركاء لا يملكون مثقال ذرة أي وزن ذرة في السموات ولا في الأرض لا يملكونها استقلالا ولا يملكونها شركة مع الله المالك الحق ، وهو معنى قوله تعالى { قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض } { وما لهم فيهما } أي في السموات والأرض من شرك بمعنى شركة ولو بأدْنى نسبة . وشيء آخر وهو أن شركاءكم الذين تدعونهم ليس لله تعالى منهم من ظهير أي معين حتى لا يقال بحكم حاجة الرب إليه ندعوه فيشفع لنا عنده .

من الهداية :

- تقرير التوحيد وأنه لا إله إلا الله ولا يستحق العبادة سواه .

بيان بطلان دعاء غير الله إذ المدعو كائنا من كان لا يملك مثقال ذرة في الكون لا بالاستقلال ولا بالشركة ، وليس لله تعالى من ظهير أي ولا معينين يمكن التوسل بهم ، وأخيراً والشفاعة لا تتم إلا بإِذنه ولمن رضى له بها . ولذلك بطل دعاء غير الله ومن دعا غير الله من ملك أو نبي أو وليَّ أو غيرهم فقد ضل الطريق وأشرك بالله في أعظم عبادة وهى الدعاء ، والعياذ بالله تعالى .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا لَهُمۡ فِيهِمَا مِن شِرۡكٖ وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِيرٖ} (22)

ولما أثبت سبحانه {[56780]}لنفسه و{[56781]} لذاته الأقدس من الملك في السماوات والأرض وغيرهما ما رأيت ، واستدل عليه من الأدلة التي لا يمكن التصويب إليها بطعن بما{[56782]} سمعت ، وكان المقصود الأعظم التوحيد فإنه أصل ينبني عليه كل خير قال : { قل } أي يا{[56783]} أعلم الخلق ! بإقامة الأدلة لهؤلاء الذين أشركوا ما لا يشك في حقارته من له أدنى مسكة : { ادعوا الذين زعمتم } أي أنهم آلهة كما تدعون الله لا سيما في وقت الشدائد ، وحذف مفعولي{[56784]} " زعم " وهما ضميرهم وتألههم{[56785]} تنبيهاً على استهجان ذلك واستبشاعه ، وليس المذكور في الآية مفعولاً ولا قائماً مقام المفعول لفساد المعنى ؛ وبين حقارتهم بقوله : { من دون الله } أي الذي حاز جميع العظمة لشيء مما أثبته سبحانه لنفسه فليفعلوا شيئاً مثله أو يبطلو{[56786]} شيئاً مما فعله سبحانه .

ولما كان جوابهم في ذلك السكوت عجزاً وحيرة ، تولى سبحانه الجواب عنهم ، إشارة إلى أن جواب كل من له تأمل لا وقفة فيه بقوله ، معبراً عنهم بعبارة من له علم بإقامتهم في ذلك المقام ، أو لأن بعض من ادعيت إلهيته ممن له علم : { لا يمكلون } أي الآن ولا يتجدد لهم شيء من ذلك أصلاً .

ولما كان المراد المبالغة في الحقارة بما تعرف{[56787]} العرب قال : { مثقال ذرة } ولما أريد العموم عبر بقوله : { في السماوات } وأكد فقال : { ولا في الأرض } لأن السماء ما علا ، والأرض ما سفل ، والسماوات في العرش ، والأرض في السماء ، فاستغرق ذلك النفي عنهما وعن كل ما فيهما{[56788]} من ذات ومعنى إلى العرش ، وهو ذو العرش العظيم .

ولما كان هذا ظاهراً{[56789]} في نفي الملك الخالص عن شوب المشاركة ، نفى المشاركة أيضاً بقوله مؤكداً تكذيباً لهم فيما يدعونه : { وما لهم فيهما } أي{[56790]} السماوات والأرض ولا فيما فيهما ، وأعرق في النفي فقال : { من شرك } أي{[56791]} في{[56792]} {[56793]}خلق ولا{[56794]} مُلك ولا مِلك ، وأكد النفي بإثبات الجار . ولما كان مما{[56795]} في السماوات والأرض نفوس هذه الأصنام{[56796]} ، وقد انتفى ملكهم لشيء من أنفسهم أو ما أسكن فيها سبحانه من قوة أو منفعة ، فانتفى أن يقدروا على إعانة غيرهم ، وكان للتصريح مزيد روعة للنفوس وهزة للقلوب وقطع للأطماع ، حتى لا يكون هناك متشبث{[56797]} قويّ ولا واهٍ قال : { وما له } أي الله { منهم } وأكد النفي بإثبات الجار فقال : { من ظهير * } أي معين على شيء مما يريده ، فكيف يصح مع هذا العجز الكلي أن يدعوا كما يدعى ويرجوا كما يرجى ويعبدوا كما يعبد .


[56780]:سقط ما بين الرقمين من ظ وم ومد.
[56781]:سقط ما بين الرقمين من ظ وم ومد.
[56782]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: مما.
[56783]:زيد من ظ وم ومد.
[56784]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: مفعول.
[56785]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: تاليهم.
[56786]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: يبلوا ـ كذا.
[56787]:زيد في الأصل: له، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[56788]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: فيها.
[56789]:من م ومد، وفي الأصل وظ: ظاهر.
[56790]:في ظ: في.
[56791]:زيد من ظ وم ومد.
[56792]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: من.
[56793]:سقط ما بين الرقمين من مد.
[56794]:سقط ما بين الرقمين من مد.
[56795]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: ما.
[56796]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الأصناف.
[56797]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: متسبب.