{ وما كان له عليهم من سلطان } : أي ولم يكن لإبليس من تسليط منا عليهم لا بعصا ولا سيف وإنما هو التزيين والإِغراء بالشهوات .
{ إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك } : أي لكن أذنَّا له في إغوائهم -إن استطاع- بالتزيين والإِغراء لنعلم علم ظهور من يؤمن ويعمل صالحاً ممن يكفر ويعمل سوءاً .
{ وربك على كل شيء حفيظ } : أي وربك يا محمد على كل شيء حفيظ وسيجزى الناس بما كسبوا .
وقوله تعالى : { وما كان له } أي للشيطان { عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك } أي قوة مادية ولا معنوية من حجج وبراهين ، وإنما أذن له في التحريش والوسواس والتزيين وهذا الإِذن لعلة وهي ظهور حال الناس ليعلم من يؤمن بالآخرة وما فيها من جنات ونيران ، وقد حفت الجنة بالمكاره والنار بالشهوات فالمؤمنون بالآخرة يتحملون مشاق التكاليف فينهضون بها ويتجنبون الشهوات فينجون من النار ويدخلون الجنة ، والذين لا يؤمنون بالآخرة لا ينهضون بواجب ولا يتجنبون حراماً فيخسرون أنفسهم وأهليهم يوم القيامة وذلك هو الخسران المبين .
وقوله تعالى { وربك على كل شيء حفيظ } فهو يحصى أعمال عباده من خير وشر ويحاسبهم عليها ويجزيهم بها .
ولما كان ذلك ربما أوهم أن لإبليس أمراً بنفسه ، نفاه بقوله : { وما } أي والحال أنه ما{[56770]} { كان } أصلاً { له عليهم } أي الذين اتبعوه ولا غيرهم ، وأعرق فيما هو الحق من النفي بقوله : { من سلطان } أي تسلط قاهر لشيء من الأشياء بوجه من الوجوه لأنه مثلهم في كونه عبداً عاجزاً مقهوراً ، ذليلاً خائفاً مدحوراً ، قال القشيري : هو مسلط ، ولو أمكنه أن يضل غيره أمكنه أن يمسك على الهداية نفسه { إلا } أي لكن نحن سلطناه عليهم بسلطاننا وملكناه قيادهم بقهرنا ؛ {[56771]}وعبر عن التمييز{[56772]} الذي هو سبب العلم بالعلم فقال : { لنعلم } أي بما لنا من العظمة { من يؤمن } أي يوجد الإيمان لله { بالآخرة } أي{[56773]} ليتعلق علمنا بذلك في عالم{[56774]} الشهادة في حال تميزه تعلقاً تقوم به الحجة في مجاري عادات البشر كما كان متعلقاً به في عالم الغيب { ممن هو منها{[56775]} } أي من{[56776]} الآخرة { في شك } فهو لا يتجدد له بها إيمان أصلاً ، لأن الشك ظرف له محيط به ، وإنما استعار " إلا " موضع " لكن " إشارة إلى أنه مكنه تمكيناً تاماً صار به كمن له سلطان حقيقي .
ولما كان هذا ربما أوقع في وهم نقصاً في العلم {[56777]}أو في{[56778]} القدرة ، قال مشيراً إلى أنه سبحانه يسره صلى الله عليه وسلم بتكثير هذا الفريق المخلص وجعل أكثره من أمته فقال : { وربك } أي المحسن إليك بإخزاء الشيطان بنبوتك وإخسائه عن أمتك { على كل شيء } من المكلفين وغيرهم { حفيظ * } أي حافظ أتم حفظ محيط به مدبر له على وجه العلو بعلمه الكامل وقدرته الشاملة ، فلا يفعل الشيطان{[56779]} ولا غيره شيئاً إلا بعلمه وإذنه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.