أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤۡمِنَ بِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَلَا بِٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِۗ وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ مَوۡقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمۡ يَرۡجِعُ بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ ٱلۡقَوۡلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ لَوۡلَآ أَنتُمۡ لَكُنَّا مُؤۡمِنِينَ} (31)

شرح الكلمات :

{ ولا بالذي بين يديه } : أي من الكتب السابقة وهي التوراة والإِنجيل .

{ يرجع بعضهم إلى بعض القول } : أي يقول الاتباع كذا ويرد عليهم المتبوعون بكذا وهو المبيّن في الآيات .

المعنى :

ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد والبعث والجزاء فيخبر تعالى فيقول : { وقال الذين كفروا } أي من مشركي مكة قالوا للرسول والمؤمنين لن نؤمن بهذا القرآن الذي أنزل على محمد ، ولا بالذي أنزل على من تقدمه من الأنبياء كالتوراة والإِنجيل ، وذلك لما احتُجَّ عليهم بتقرير التوراة والإِنجيل للتوحيد والنُّبوات والبعث والجزاء قالوا لن نُؤمن بالجميع عناداً ومكابرة وجحوداً وظلما . ولازم هذا أنهم ظلمة معاندون ومن باب دعوتهم إلى الهدى ستعرض الآيات لهم حالهم يوم القيامة فيقول تعالى لرسوله وهم يسمعون { ولو ترى } يا رسولنا { إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول } أي يتحاورون متلاومين . يقول الذين استُعفوا وهم الفقراء المرءوسون الذين كانوا أتباعاً لكبرائهم وأغنيائهم ، يقولون للذين استكبروا عليهم في الدنيا : لولا أنتم أي صرفتموها عن الإِيمان واتباع الرسول لكنا مؤمنين فيرد عليهم الكبراء بما أخبر تعالى عنهم في قوله : { قال الذين استكبروا للذين استضعفوا : أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم } .

خ/33

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤۡمِنَ بِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَلَا بِٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِۗ وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ مَوۡقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمۡ يَرۡجِعُ بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ ٱلۡقَوۡلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ لَوۡلَآ أَنتُمۡ لَكُنَّا مُؤۡمِنِينَ} (31)

قوله تعالى : " وقال الذين كفروا " يريد كفار قريش . " لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه " قال سعيد عن قتادة : " ولا بالذي بين يديه " من الكتب والأنبياء عليهم الصلاة والسلام . وقيل من الآخرة . وقال ابن جريج : قائل ذلك أبو جهل بن هشام . وقيل : إن أهل الكتاب قالوا للمشركين صفة محمد في كتابنا فسلوه ، فلما سألوه فوافق ما قال أهل الكتاب قال المشركون : لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي أنزل قبله من التوراة والإنجيل بل نكفر بالجميع ، وكانوا قبل ذلك يراجعون أهل الكتاب ويحتجون بقولهم ، فظهر بهذا تناقضهم وقلة علمهم . ثم أخبر الله تبارك وتعالى عن حالهم فيما لهم فقال " ولو ترى " يا محمد " إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول " أي محبوسون في موقف الحساب ، يتراجعون الكلام فيما بينهم باللوم والعتاب بعد أن كانوا في الدنيا أخلاء متناصرين . وجواب " لو " محذوف ، أي لرأيت أمرا هائلا فظيعا . ثم ذكر أي شيء يرجع من القول بينهم قال : " يقول الذين استضعفوا " في الدنيا من الكافرين " للذين استكبروا " وهم القادة والرؤساء " لولا أنتم لكنا مؤمنين " أي أنتم أغويتمونا وأضللتمونا . واللغة الفصيحة " لولا أنتم " ومن العرب من يقول " لولاكم " حكاها سيبويه ، تكون " لولا " تخفض المضمر ويرتفع المظهر بعدها بالابتداء ويحذف خبره . ومحمد بن يزيد يقول : لا يجوز " لولاكم " لأن المضمر عقيب المظهر ، فلما كان المظهر مرفوعا بالإجماع وجب أن يكون المضمر أيضا مرفوعا .