البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤۡمِنَ بِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَلَا بِٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِۗ وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ مَوۡقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمۡ يَرۡجِعُ بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ ٱلۡقَوۡلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ لَوۡلَآ أَنتُمۡ لَكُنَّا مُؤۡمِنِينَ} (31)

و { لن نؤمن بهذا القرآن } : يديه يعني الذي تضمن التوحيد والرسالة والبعث المتقدم ذكرها فيه .

{ ولا بالذي بين يديه } : هو ما نزل من كتب الله المبشرة برسول الله .

يروي أن كفار مكة سألوا أهل الكتاب ، فأخبروهم أنهم يجدون صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في كتبهم ، وأغضبهم ذلك ، وقرنوا إلى القرآن ما تقدم من كتب الله في الكفر ، ويكون { الذين كفروا } مشركي قريش ومن جرى مجراهم .

والمشهور أن { الذين بين يديه } : التوراة والإنجيل وما تقدم من الكتب ، وهو مروي عن ابن جريج .

وقالت فرقة : { الذي بين يديه } : هي القيامة ، قال ابن عطية : وهذا خطأ ، قائله لم يفهم أمر بين اليد في اللغة ، وأنه المتقدم في الزمان ، وقد بيناه فيما تقدم . انتهى .

{ ولو ترى إذ الظالمون } : أخبر عن حالهم في صفة التعجب منها ، وترى في معنى رأيت لإعمالها في الظرف الماضي ، ومفعول ترى محذوف ، أي حال الظالمين ، إذ هم { موقوفون } .

وجواب لو محذوف ، أي لرأيت لهم حالاً منكرة من ذلهم وتخاذلهم وتحاورهم ، حيث لا ينفعهم شيء من ذلك .

ثم فسر ذلك الرجوع والجدل بأن الأتباع ، وهم الذين استضعفوا ، قالوا لرؤسائهم على جهة التذنيب والتوبيخ ورد اللائمة عليهم : { لولا أنتم لكنا مؤمنين } : أي أنتم أغويتمونا وأمرتمونا بالكفر .

وأتى الضمير بعد لولا ضمير رفع على الأفصح .

وحكى الأئمة سيبويه والخليل وغيرهما مجيئه بضمير الجر نحو : لولاكم ، وإنكار المبرد ذلك لا يلتفت إليه .

ولما كان مقاماً ، استوى فيه المرؤوس والرئيس .