أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{۞قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قُلِ ٱللَّهُۖ وَإِنَّآ أَوۡ إِيَّاكُمۡ لَعَلَىٰ هُدًى أَوۡ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (24)

شرح الكلمات :

{ قل من يرزقكم من السموات والأرض } : من السموات بإنزال المطر ومن الأرض بإنبات الزروع .

{ قل الله } : أي إن لم يجيبوا فأجب أنت فقل الله ، إذ لا جواب عندهم سواه .

{ وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين } : وأخبرهم بأنكم أنتم أيها المشركون أو إيانا لعلى هدى أو في ضلال مبين ، وقطعا فالموحدون هم الذين على هدى والمشركون هم في الضلال المبين ، وإنما شككهم تلطفاً بهم لعلهم يفكرون فيهتدون .

المعنى :

ما زال السياق في تبكيت المشركين وإقامة الحجج عليهم بتقرير التوحيد وإبطال التنديد فقال تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم سل قومك مبكتا لهم : { قل من يرزقكم من السموات والأرض } بإنزال الأمطار وإرسال الرياح لواقح وإنبات النباتات والزروع والثمار وتوفير الحيوان للحم واللبن ومشتقاته ؟ وإن تلعثموا في الجواب أو ترددوا خوف الهزيمة العقلية فأجب أنت قائلاً الله . إذ ليس من جواب عندهم سواه .

وقوله { وإنا أو إياكم لعلى هدىً أو في ضلال مبين } هذا أسلوب التشكيك وحكمته التلطف بالخصم المعاند حتى لا يلج في العناد ولا يفكر في الأمر الذي يجادل فيه ، وإلاّ فالرسول والمؤمنون هم الذين على هدىً ، والمشركون هم الذين في ضلال مبين وهو أمر مسلم لدى طرفي النزاع .

الهداية :

من الهداية :

- مشروعية التلطف مع الخصم فسحاً له في مجال التفكير لعله يثوب إلى رشده .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{۞قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قُلِ ٱللَّهُۖ وَإِنَّآ أَوۡ إِيَّاكُمۡ لَعَلَىٰ هُدًى أَوۡ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (24)

قوله تعالى : " قل من يرزقكم من السماوات والأرض " لما ذكر أن آلهتهم لا يملكون مثقال ذرة مما يقدر عليه الرب قرر ذلك فقال : قل يا محمد للمشركين " من يرزقكم من السموات والأرض " أي من يخلق لكم هذه الأرزاق الكائنة من السموات ، أي عن المطر والشمس والقمر والنجوم وما فيها من المنافع . " والأرض " أي الخارجة من الأرض عن الماء والنبات أي لا يمكنهم أن يقولوا هذا فعل آلهتنا - فيقولون لا ندري ، فقل إن الله يفعل ذلك الذي يعلم ما في نفوسكم وإن قالوا : إن الله يرزقنا فقد تقررت الحجة بأنه الذي ينبغي أن يعبد . " وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين " هذا على وجه الإنصاف في الحجة ، كما يقول القائل : أحدنا كاذب ، وهو يعلم أنه صادق وأن صاحبه كاذب . والمعنى : ما نحن وأنتم على أمر واحد ، بل على أمرين متضادين ، وأحد الفريقين مهتد وهو نحن والآخر ضال وهو أنتم ، فكذبهم بأحسن من تصريح التكذيب ، والمعنى : أنتم الضالون حين أشركتم بالذي يرزقكم من السموات والأرض . " أو إياكم " معطوف على اسم " إن " ولو عطف على الموضع لكان " أو أنتم " ويكون " لعلى هدى " للأول لا غير وإذا قلت : " أو إياكم " كان للثاني أولى ، وحذفت من الأول أن يكون للأول ، وهو اختيار المبرد ، قال : ومعناه معنى قول المستبصر لصاحبه على صحة الوعيد والاستظهار بالحجة الواضحة : أحدنا كاذب ، قد عرف المعنى ، كما تقول : أنا أفعل كذا وتفعل أنت كذا وأحدنا مخطئ ، وقد عرف أنه هو المخطئ ، فهكذا " وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين " . و " أو " عند البصريين على بابها وليست للشك ، ولكنها على ما تستعمل العرب في مثل هذا إذا لم يرد المخبر أن يبين وهو عالم بالمعنى . وقال أبو عبيدة والفراء : هي بمعنى الواو ، وتقديره : وإنا على هدى وإياكم لفي ضلال مبين . وقال جرير :

أثعلبةَ الفوارس أو رياحا *** عدَلْتَ بهم طُهَيَّةَ والرَّبابا{[13045]}

يعني أثعلبة ورياحا وقال آخر :

فلما اشتد أمر الحرب فينا *** تأمّلنا رياحا أو رِزاما


[13045]:رواية الديوان وكتاب سيبويه: "والخشابا".