تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤۡمِنَ بِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَلَا بِٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِۗ وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ مَوۡقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمۡ يَرۡجِعُ بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ ٱلۡقَوۡلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ لَوۡلَآ أَنتُمۡ لَكُنَّا مُؤۡمِنِينَ} (31)

الآية 31 وقوله تعالى : { وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه } كأن هذا القول منهم ، والله أعلم ، خرج عن مخاصمة وقعت بينهم وبين المؤمنين في شأن القرآن أو في شأن محمد ، فتحاكموا على الكتاب على اتفاق منهم على ما في كتبهم . فلما خرج ذلك على موافقة قول المؤمنين ومخالفة قول أولئك قالوا عند ذلك : { لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه } .

وإلا على الابتداء من غير تنازع وخصومة ، كان بينهم ، غير مستقيم .

ويذكر بعض أهل التأويل [ عن ]{[17030]} ابن عباس وغيره أن رهطا بعثتهم قريش إلى المدينة إلى رؤساء اليهود [ والنصارى ]{[17031]} يسألونهم عن محمد وبعثه ، فأخبروهم أنه كائن وأنه مبعوث . فلما رجعوا إليهم ، فأخبروهم أنهم قد عرفوه ، وهو عندهم في التوراة والإنجيل ، فعند ذلك قالوا ما قالوا .

ثم كأنه اشتدّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وثقُل عليه ، قال له على التعزية والتصبير على ذلك : { ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم } أي [ محبوسون عند ربهم ]{[17032]} على محاسبة ما كان منهم من العناد والمكابرة والتكذيب ، أي لو رأيت{[17033]} ما فيهم من الذُّل والهوان والخضوع لرحمتهم ، ولأخذتك الرأفة لهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { يرجع بعضهم إلى بعض القول } أي يلوم بعضهم بعضا ، فيقولون ما ذكر { يقول الذين استُضعفوا } أي السّفلة والأتباع { للذين استكبروا } أي القادة منهم والرؤساء { لولا أنتم } في ما صرفتمونا عن دين الله ، وصددتمونا عنه { لكنّا مؤمنين } به تابعين له ، لأنهم كانوا يصدرون لآرائهم/ ويقبلون قولهم لما هم كانوا أهل شرف /436-ب/ ومعرفة ، والسفلة لا .

فيقولون : { لولا أنتم لكنّا مؤمنين } نتّبع رأي أنفسنا ، فنؤمن به . لكن قلتم لنا : أنه كذب ، وإنه افتراه ، وإنه سحر ، فنحن صدّقناكم في ذلك .


[17030]:ساقطة من الأصل وم.
[17031]:ساقطة من الأصل وم.
[17032]:من م، ساقطة من الأصل.
[17033]:في الأصل وم: رأيتم.