أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

شرح الكلمات :

{ بلى قادرين } : أي بلى نجمعها حال كوننا قادرين مع جمعها على تسوية بنانه .

{ على أن نسوي بنانه } : أي نجعل أصابعه كخف البعير أو حافر الفرس فلا يقدر على العمل الذي يقدر عليه الآن مع تفرقة أصابعه . كما نحن قادرون على جمع تلك العظام الدقيقة عظام البنان وردّها كما كانت كما نحن قادرون على تسوية تلك الخطوط الدقيقة في الأصابع والتي تختلف بين إنسان وإنسان اختلاف الوجوه والأصوات واللهجات .

المعنى :

{ بلى قادرين على أن نسوي بنانه } أي بلى نجمعها حال كوننا قادرين على ذلك وعلى ما هو أعظم وهو تسوية بنانه أي أصابعه بأن نجعلها كخف البعير أو حوافر الحمير ، فيصبح يتناول الطعام بفمه كالكلب والبغل والحمار .

الهداية :

من الهداية :

- معجزة قرآنية أثبتها العلم الصناعي الحديث وهي عدم تسوية خطوط الأصابع .

- فكما خالف تعالى بين الإِنسان والإِنسان وبين صوت وصوت فَرَّق بين خطوط الأصابع فلذا استعملت في الإمضاءات وقبلت في الشهادات .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

" بلى " وقف حسن ثم تبتدئ " قادرين " . قال سيبويه : على معنى نجمعها قادرين ، " فقادرين " حال من الفاعل المضمر في الفعل المحذوف على ما ذكرناه من التقدير . وقيل : المعنى بل نقدر قادرين . قال الفراء : " قادرين " نصب على الخروج من " نجمع " أي نقدر ونقوى " قادرين " على أكثر من ذلك . وقال أيضا : يصلح نصبه على التكرير أي " بلى " فليحسبنا قادرين . وقيل : المضمر ( كنا ) أي كنا قادرين في الابتداء ، وقد اعترف به المشركون . وقرأ ابن أبي عبلة وابن السميقع " بلى قادرون " بتأويل نحن قادرون . " على أن نسوي بنانه " البنان عند العرب : الأصابع ، واحدها بنانة ، قال النابغة :

بمُخَضَّبٍ رَخْصٍ كأن بنَانَهُ *** عَنَمٌ يكادُ من اللَّطَافَةٍ يُعْقَدِ{[15603]}

وقال عنترة :

وأن الموت طوعُ يدي إذا ما *** وصلت بنَانَها بالهِنْدُوَانِي

فنبه بالبنان على بقية الأعضاء . وأيضا فإنها أصغر العظام ، فخصها بالذكر لذلك .

قال القتبي والزجاج : وزعموا أن الله لا يبعث الموتى ولا يقدر على جمع العظام ، فقال الله تعالى : بلى قادرين على أن نعيد السلاميات على صغرها ، ونؤلف بينها حتى تستوي ، ومن قدر على هذا فهو على جمع الكبار أقدر . وقال ابن عباس وعامة المفسرين : المعنى " على أن نسوي بنانه " أي نجعل أصابع يديه ورجليه شيئا واحدا كخف البعير ، أو كحافر الحمار ، أو كظلف الخنزير ، ولا يمكنه أن يعمل به شيئا ، ولكنا فرقنا أصابعه حتى يأخذ بها ما شاء . وكان الحسن يقول : جعل لك أصابع فأنت تبسطهن ، وتقبضهن بهن ، ولو شاء الله لجمعهن فلم تتق الأرض إلا بكفيك . وقيل : أي نقدر أن نعيد الإنسان في هيئة البهائم ، فكيف في صورته التي كان عليها ، وهو كقوله تعالى : " وما نحن بمسبوقين . على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون " [ الواقعة :61 ] .

قلت : والتأويل الأول أشبه بمساق الآية . والله أعلم .


[15603]:رواية الشطر الأخير كما في اللسان: * عنم على أغصانه لم يعقد * والعنم: شجر لين الأغصان لطيفها، يشبه به البنان.