السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

وقوله تعالى : { بلى } إيجاب لما بعد النفي المنسحب عليه الاستفهام وهو وقف حسن ، ثم يبتدئ بقوله تعالى : { قادرين } وقيل : المعنى : بل نجمعها قادرين مع جمعها { على أن نسوي بنانه } أي : أصابعه وسلامياته وهي عظامه الصغار التي في يده ، خصها بالذكر لأنها أطرافه وآخر ما يتم به خلقه أي : نجمع بعضها على بعض على ما كانت عليه قبل الموت لأنا قدرنا على تفصيل عظامه وتفتيتها ، فنقدر على جمعها وتوصيلها ، وقدرنا على جمع صغار العظام فنحن على جمع كبارها أقدر ، وقال ابن عباس وأكثر المفسرين : على أن نسوي بنانه أي : نجعل أصابع يديه ورجليه شيئاً واحداً كخف البعير أو كحافر الحمار أو كظلف الخنزير ، فلا يمكنه أن يعمل بها شيئاً ، ولكنا فرّقنا أصابعه حتى يفعل بها ما شاء . وقيل : نقدر أن نصير الإنسان في هيئة البهائم فكيف في صورته التي كان عليها وهو كقوله تعالى : { وما نحن بمسبوقين 60 على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون } [ الواقعة : 60 61 ] .