الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

ثم قال سبحانه : { بَلَى قَادِرِينَ } أي نقدر استقبال صرف إلى الحال ، قال الفراء : { قَادِرِينَ } نصب على الخروج من { نَّجْمَعَ } كأنك قلت في الكلام : أيحسب أن لن يقوى عليك ، بلى قادرين على أقوى منك ، يريد بلى نقوى مقتدرين على أكثر من ذا ، وقرأ ابن أبي غيلة قادرون بالرفع ، أي بلى نحن قادرون ، ومجاز الآية : بلى نقدر على جمع عظامه وعلى ما هو أعظم من ذلك ، وهو : { عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ } أنامله فيجعل أصابع يديه ورجليه شيئاً واحد كخف البعير ، أو كظلف الخنزير ، أو كحافر الحمار ، فلا يمكنه أن يعمل بها شيئاً ولكنا فرقنا أصابعه حتى يأخذ بها ما شاء ، ويقبض إذا شاء ويبسط إذا شاء فحسنّا خلقه . هذا قول عامة المفسرين .

وقال القبيسي : ظن الكافر أن الله لا يبعث الموتى ولا يقدر على جمع العظام البالية ، فقال الله سبحانه : بلى قادرين أن نعيد السلاميات على صغرها ونؤلف بينها حتى نسوي البنان ، ومَنْ يقدر على هذا فهو على جمع كبار العظام أقدر وهذا كرجل قلت له : أتراك تقدر على أن تؤلف من هذا الحنظل في خيط ويقول نعم وبين الخردل .