قال القتبي والزجاج : وزعموا أن الله تعالى لا يبعث الموتى ، ولا يقدر على جمع العظام ، فقال الله تعالى : بلى قادرين على أن نعيد السُّلاميات على صغرها ، ونُؤلِّف بينها حتى تستوي ، ومن قدر على هذا فهو على جميع الكبار أقدرُ .
وقال ابن عباس وعامة المفسرين : { على أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ } أن نجعل أصابع يديه ورجليه شيئاً واحداً كخُفِّ البعير ، أو كحافر الحمار ، أو كظلفِ الخنزيرِ ، ولا يمكنه أن يعمل به شيئاً ولكنا فرقنا أصابعه حتى يفعل بها ما يشاء .
وقيل : نقدر أن نُعيد الإنسان في هيئة البهائم ، فكيف في صورته التي كان عليها ، وهو كقوله تعالى : { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ على أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ الواقعة : 60 ، 61 ] .
والقول الأول أشبه بمساق الآية .
قال ابن الخطيب{[58639]} رحمه الله : وفي الآية إشكالات :
أحدها : ما المناسبة بين القيامة والنَّفس اللوامة حتى جمع الله بينهما في القسم ؟ .
وثالثها : قال جل ذكره : أقسم بيوم القيامة ولم يقل : والقيامة ، كما قال - عز وجل - في سائر السور : { والطور } [ الطور : 1 ] { والذاريات } [ الذاريات : 1 ] ، { والضحى } [ الضحى : 1 ] .
أحدها : أنَّ أحوال القيامة عجيبة جدّاً ، ثُمَّ المقصود من إقامة القيامة إظهار أحوال النُّفوس على ما قال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ عَرفَ نَفْسَهُ عرَفَ رَبَّهُ » ومن أحوالها العجيبة قوله تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] ، وقوله تعالى : { إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة عَلَى السماوات والأرض والجبال فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان } [ الأحزاب : 72 ] .
وقيل : القسم وقع بالنَّفس اللوامة على معنى التعظيم من حيث إنها أبداً يستحقرُ فعلها وجدُّها واجتهادها في طاعة الله تعالى .
وقيل : إنه - تعالى - أقسم بيوم القيامة ، ولم يقسم بالنفس اللوامة تحقيراً لها ؛ لأن النفس اللوامة إمَّا أن تكون كافرة بالقيامة مع عظم أمرها ، وإمَّا أن تكون فاسقة مقصرة في العمل ، وعلى التقديرين فإنها تكون مستحقرة .
والجواب عن الثاني : أن المحقِّقين قالوا : القسم بهذه الأشياء قسم بربِّها وخالقها في الحقيقة ، فكأنه قيل : أقسم برب القيامة على وقوع القيامة .
والجواب عن الثالث : أنه حيث أقسم ، قال جل ذكره : «والذَّارياتِ » ، وأما هنا فإنه سبحانه نفى كونه مقسماً بهذه الأشياء ، فزال السؤال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.