أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَقِهِمُ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّـَٔاتِ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمۡتَهُۥۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (9)

شرح الكلمات :

{ وقهم السيئات } : أي احفظهم من جزاء السيئات التي عملوها فلا تؤاخذهم بها .

{ ومن تق السيئات يومئذ } : أي ومن تقه جزاء سيئاته يوم القيامة فلم تؤاخذه .

{ فقد رحمته } : أي حيث سترته ولم تفضحه وعفوت عنه ولم تعذبه .

{ وذلك } : أي الوقاية من العذاب وإدخال الجنة هو الفوز العظيم .

المعنى :

وقوله : { وقهم السيئات } أي واحفظهم من جزاء سيئاتهم بأن تغفرها لهم وتسترها عليهم حتى يتأهّلوا للحاق بأبنائهم الذين نسألك أن تلحقهم بِهِمْ ، { ومن تق السيئات يومئذ } أي يوم القيامة { فقد رحمته } { وذلك هو الفوز العظيم } أي النجاة من النار ودخول الجنة هو الفوز العظيم لقوله تعالى : { فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز } ومعنى ومن تق السيئات أي تقيه عذابها وذلك بأن يغفرها لهم ويعفو عنهم فلا يؤاخذهم بها ، فينجوا من النار ويدخلوا الجنة وذلك أي النجاة من النار ودخول الجنة هو الفوز العظيم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقِهِمُ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّـَٔاتِ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمۡتَهُۥۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (9)

{ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ } أي : الأعمال السيئة وجزاءها ، لأنها تسوء صاحبها . { وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ } أي : يوم القيامة { فَقَدْ رَحِمْتَهُ } لأن رحمتك لم تزل مستمرة على العباد ، لا يمنعها إلا ذنوب العباد وسيئاتهم ، فمن وقيته السيئات وفقته للحسنات وجزائها الحسن . { وَذَلِكَ } أي : زوال المحذور بوقاية السيئات ، وحصول المحبوب بحصول الرحمة ، { هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } الذي لا فوز مثله ، ولا يتنافس المتنافسون بأحسن منه .

وقد تضمن هذا الدعاء من الملائكة كمال معرفتهم بربهم ، والتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى ، التي يحب من عباده التوسل بها إليه ، والدعاء بما يناسب ما دعوا الله فيه ، فلما كان دعاؤهم بحصول الرحمة ، وإزالة أثر ما اقتضته النفوس البشرية التي علم الله نقصها واقتضاءها لما اقتضته من المعاصي ، ونحو ذلك من المبادئ والأسباب التي قد أحاط الله بها علمًا توسلوا بالرحيم العليم .

وتضمن كمال أدبهم مع الله تعالى بإقرارهم بربوبيته لهم الربوبية العامة والخاصة ، وأنه ليس لهم من الأمر شيء وإنما دعاؤهم لربهم صدر من فقير بالذات من جميع الوجوه ، لا يُدْلِي على ربه بحالة من الأحوال ، إن هو إلا فضل الله وكرمه وإحسانه .

وتضمن موافقتهم لربهم تمام الموافقة ، بمحبة ما يحبه من الأعمال التي هي العبادات التي قاموا بها ، واجتهدوا اجتهاد المحبين ، ومن العمال الذين هم المؤمنون الذين يحبهم الله تعالى من بين خلقه ، فسائر الخلق المكلفين يبغضهم الله إلا المؤمنين منهم ، فمن محبة الملائكة لهم دعوا الله ، واجتهدوا في صلاح أحوالهم ، لأن الدعاء للشخص من أدل الدلائل على محبته ، لأنه لا يدعو إلا لمن يحبه .

وتضمن ما شرحه الله وفصله من دعائهم بعد قوله : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } التنبيه اللطيف على كيفية تدبر كتابه ، وأن لا يكون المتدبر مقتصرًا على مجرد معنى اللفظ بمفرده ، بل ينبغي له أن يتدبر معنى اللفظ ، فإذا فهمه فهمًا صحيحًا على وجهه ، نظر بعقله إلى ذلك الأمر والطرق الموصلة إليه وما لا يتم إلا به وما يتوقف عليه ، وجزم بأن الله أراده ، كما يجزم أنه أراد المعنى الخاص ، الدال عليه اللفظ .

والذي يوجب له الجزم بأن الله أراده أمران :

أحدهما : معرفته وجزمه بأنه من توابع المعنى والمتوقف عليه .

والثاني : علمه بأن الله بكل شيء عليم ، وأن الله أمر عباده بالتدبر والتفكر في كتابه .

وقد علم تعالى ما يلزم من تلك المعاني . وهو المخبر بأن كتابه هدى ونور وتبيان لكل شيء ، وأنه أفصح الكلام وأجله إيضاحًا ، فبذلك يحصل للعبد من العلم العظيم والخير الكثير ، بحسب ما وفقه الله له وقد كان في تفسيرنا هذا ، كثير من هذا من به الله علينا .

وقد يخفى في بعض الآيات مأخذه على غير المتأمل صحيح الفكرة ، ونسأله تعالى أن يفتح علينا من خزائن رحمته ما يكون سببًا لصلاح أحوالنا وأحوال المسلمين ، فليس لنا إلا التعلق بكرمه ، والتوسل بإحسانه ، الذي لا نزال نتقلب فيه في كل الآنات ، وفي جميع اللحظات ، ونسأله من فضله ، أن يقينا شر أنفسنا المانع والمعوق لوصول رحمته ، إنه الكريم الوهاب ، الذي تفضل بالأسباب ومسبباتها .

وتضمن ذلك ، أن المقارن من زوج وولد وصاحب ، يسعد بقرينه ، ويكون اتصاله به سببًا لخير يحصل له ، خارج عن عمله وسبب عمله كما كانت الملائكة تدعو للمؤمنين ولمن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ، وقد يقال : إنه لا بد من وجود صلاحهم لقوله : { وَمَنْ صَلَحَ } فحينئذ يكون ذلك من نتيجة عملهم والله أعلم .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَقِهِمُ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّـَٔاتِ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمۡتَهُۥۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (9)

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَقِهِمُ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّـَٔاتِ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمۡتَهُۥۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (9)

ولما كان الإنسان قد يغفر له ويكرم ، وفيه من الأخلاق ما ربما حمله على بعض الأفعال الناقصة دعوا لهم بالكمال فقالوا : { وقهم السيئات } أي بأن تجعل بينهم وبينها وقاية بأن تطهرهم من الأخلاق الحاملة عليها بتطهير القلوب بنزع كل ما يكره منها أو بأن يغفرها لهم ولا يجازيهم عليها ، وعظموا هذه الطهارة ترغيباً في حمل النفس في هذه الدار على لزومها بقمع النفوس وإماتة الحظوظ بقولهم : { ومن تق السيئات } أي جزاءها كلها { يومئذ } أي يوم إذ تدخل فريقاً الجنة وفريقاً النار المسببة عن السيئات أو إذ تزلف الجنة للمتقين وتبرز الجحيم للغاوين : { فقد رحمته } أي الرحمة الكاملة التي لا يستحق غيرها أن يسمى معها رحمة ، فإن تمام النعيم لا يكون إلا بها لزوال التحاسد والتباغض والنجاة من النار باجتناب السيئات ولذلك قالوا : { وذلك } أي الأمر العظيم جداً { هو } أي وحده { الفوز العظيم * } فالآية من الاحتباك : ذكر إدخال الجنات أولاً دليلاً على حذف النجاة من النار ثانياً ، ووقاية السيئات ثانياً دليلاً على التوفيق للصالحات أولاً ، وسر ذلك التشويق إلى المحبوب - وهو الجنان - بعمل المحبوب - وهو الصالح - والتنفير من النيران باجتناب الممقوت من الأعمال ، وهو السيء ، فذكر المسبب أولاً وحذف السبب لأنه لا سبب في الحقيقة إلا الرحمة ، وذكر السبب ثانياً في إدخال النار وحذف المسبب .