فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقِهِمُ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّـَٔاتِ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمۡتَهُۥۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (9)

{ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جنات عَدْنٍ } و{ أدخلهم } معطوف على قوله : { قهم } ، ووسط الجملة الندائية لقصد المبالغة بالتكرير ، ووصف جنات عدن بأنها { التي وَعَدْتَّهُمْ } إياها { وَمَنْ صَلَحَ مِنْ ءابَائِهِمْ وأزواجهم وَذُرّيَّاتِهِمْ } أي : وأدخل من صلح ، والمراد بالصلاح هاهنا : الإيمان بالله ، والعمل بما شرعه الله ، فمن فعل ذلك ، فقد صلح لدخول الجنة ، ويجوز عطف ، ومن صلح على الضمير في وعدتهم ، أي : ووعدت من صلح ، والأولى عطفه على الضمير الأوّل في وأدخلهم ، قال الفراء والزجاج : نصبه من مكانين إن شئت على الضمير في أدخلهم . وإن شئت على الضمير في وعدتهم . قرأ الجمهور بفتح اللام من صلح . وقرأ ابن أبي عيلة بضمها ، وقرأ الجمهور { وذرياتهم } على الجمع . وقرأ عيسى بن عمر على الإفراد { إِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم } أي الغالب القاهر الكثير الحكمة الباهرة . { وَقِهِمُ السيئات } أي العقوبات ، أو جزاء السيئات على تقدير مضاف محذوف . قال قتادة : وقهم ما يسؤهم من العذاب { وَمَن تَقِ السيئات يَوْمَئِذٍ } أي يوم القيامة { فَقَدْ رَحِمْتَهُ } يقال : وقاه يقيه وقاية ، أي حفظه ، ومعنى { فَقَدْ رَحِمْتَهُ } أي رحمته من عذابك ، وأدخلته جنتك ، والإشارة بقوله : { وَذَلِكَ } إلى ما تقدّم من إدخالهم الجنات ، ووقايتهم السيئات ، وهو مبتدأ وخبره { هُوَ الفوز العظيم } أي الظفر الذي لا ظفر مثله ، والنجاة التي لا تساويها نجاة .

/خ9