اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقِهِمُ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّـَٔاتِ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمۡتَهُۥۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (9)

ثم قالوا : بعد ذَلِكَ { وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ } ( قال بعضُ المفسرين{[47948]} المراد منه عذاب السيئات .

فإن قيل : فعلى هذا التقدير لا فرق بين قوله : { وقهم السيئات } ){[47949]} وبين قوله { وقهم عذاب الجحيم } وحينئذ يلزم التكرار الخالي من الفائدة وهو لا يجوز !

فالجواب : أنّ التفاوت حاصلٌ من وجهين :

الأول : أن يكون قوله { وقهم عذاب الجحيم } ، دعاء مذكوراً ( للأصُولِ وقوله { وقهم السيئات }{[47950]} دعاء مذكوراً ) للفروع وهم الآباء والأزواج والذريات .

الثاني : أن يكون قوله { وقهم عذاب الجحيم } مقصوراً على إزالة عذاب الجحيم ، وقوله { وقهم السَّيِّئَات } يتناول عذاب الجحيم وعذاب موقف القيامة والحساب والسؤال .

وقال بعض المفسرين : المراد بقوله : { وَقِهِم السيئات } هو أن الملائكة طلبوا إزالة عذاب النار بقولهم : «عذاب الجحيم » وطلبوا إيصال الثواب ( إليهم ){[47951]} بقولهم : { وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ } ثم طلبوا بعده ذلك أن يصونهم الله تعالى في الدنيا عن العقائد الفاسدة بقولهم : { وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ } ثم قالوا { وَمَن تَقِ السيئات يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ } يعني من تقِ السيئات في الدنيا فقد رحمته في يوم القيامة ، ثم قالوا { وَذَلِكَ هُوَ الفوز العظيم } حيث وجدوا بأعمال منقطعة نعيماً لا ينقطع وبأفعالٍ حقيرة مُلْكاً لا تصل العقول إلى كُنْهِ جلالته و الله أعلم{[47952]} .

قوله : { يَوْمَئِذٍ } التنوين عوض من جملة محذوفة ، ولكن ليس في الكلام جملة مصرحٌ بها عوض من هذه التنوين بخلاف قوله : { وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } [ الواقعة : 84 ] أي حين إذْ بَلَغَتْ الحلقومَ لِتَقَدُّمِهَا في اللفظ فلا بدّ من تقدير جملة يكون هذا عوضاً منها تقديهر : يَوْمَ إذْ يُؤَاخَذُ بِهَا{[47953]} .

فَصْلٌ

قال مُطرفٌ{[47954]} : أنصحُ عباد الله للمؤمنين الملائكة وأغشُّ الخلقِ للمؤمنين هم الشياطين ، قال سعيد بن جبير في تفسير قوله { من صلح من آبائهم } يدخل المؤمن الجنة فيقول : أين أبي ؟ أين ولدي ؟ أين زوجتي ؟ فيقال لهم : إنهم لم يعملوا مثل عملك فيقول : إن كنت أعمل لي ولهم فيقال : أدخلوهم الجنة .


[47948]:أورده الرازي في تفسيره دون تعيين أيضا 27/37.
[47949]:ما بين القوسين كله سقط من ب.
[47950]:سقط كذلك من ب بسبب انتقال النظر.
[47951]:كذا في الرازي وأ وهي ساقطة من ب.
[47952]:انظر تفسير الإمام الرازي 27/37.
[47953]:هذا قول أبي حيان ومن بعد السمين في الدر المصون 4/678 فقد قال أبو حيان في البحر 7/457: "ولم يتعرض أحد من المفسرين الذين وقفنا على كلامهم في الآية للجملة التي عوض منها التنوين في يومئذ".
[47954]:في ب: ابن مطرف وهو تحريف والصحيح ما عليه فهو مطرف بن عبد الله وقد ترجم له.